الثلاثاء, 23 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / الحديثي في حوار الوكالة: هناك مَن يجعل الشعر والأدب سببا ليؤجج التعصب والخلاف

الحديثي في حوار الوكالة: هناك مَن يجعل الشعر والأدب سببا ليؤجج التعصب والخلاف

أبحث عن الزاوية التي أنظر منها إلى الكلمة والمعنى والعبارة والبيت الشعري بحيث أتمكن من إخفاء كل شيء إلا الجمال 

أحاكي قرائي على أنهم جميعهم نخبة

لا فضل لأديب على أديب إلا بالإبداع بصرف النظر عن هويته وزمنه وقوميته ودينه وعرقه

اعتاد متابعوه عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك على انتظار “حديث الخميس” ماقصة هذه المقالة الاسبوعية وكيف لاقت كل هذا الإقبال؟ الناقد العراقي حسان الحديثي, مارأيه بمن يتناولون القصائد انطلاقا من السيرة الشخصية للكاتب بعيدا عن النص؟ وماصحة قول إنه زمن الرواية وليس الشعر برأيه؟ وماهي معايير القصيدة الجماهيرية؟ ومَن مِن شعراء العراق من هذا الجيل يمكن أن نقول إنهم يمثلون الشعر العراقي؟ وأسئلة كثيرة في حوار الوكالة:

س١- اعتاد متابعوك عبر صفحتك الرسمية على الفيس بوك على انتظار “حديث الخميس” ماقصة هذه المقالة الاسبوعية وكيف لاقت كل هذا الاقبال؟

حديث الخميس هو حصيلة ونتاج لقراءات ومتابعات حسان الحديثي على مدى ٣٥ عاماً أكتبه بإسلوب يحاكي عاطفة وميول المتذوق العربي للفن والأدب والشعر مراعياً فيه الاختصار والتركيز على ما أريد قوله ومتحرياً فيه القرب من نفس القارئ العربي ومحاكياً فيه عاطفته وإحساسه بعيداً عن تعقيد الحياة، أحاول أن أجعله ساعة لنسيان كل شيء وتذكر شيئا واحدا فقط وهو الجمال، أحاول أن أبحث عن الزاوية التي أنظر منها إلى الكلمة والمعنى والعبارة والبيت الشعري بحيث أتمكن من إخفاء كل شيء إلا الجمال  .

أحبذ طرح الفكرة وتسليط عقل القارئ عليها بأقل عدد ممكن من الكلمات

س٢- يقول بعص الأدباء إن الناس لا يتابعون المنشورات الطويلة حتى ولو كانت شعرا، ألم تكن لديك خشية من ذلك؟ وهل مقالاتك موجهة للنخبة؟ كما يحبون أن يطلقوا عليها؟

هذا هاجس لا يكاد يفارقني وأنا أكتب مراعياً في حديثي أن يكون بلا اقتضاب ولا إسهاب ولا أخفيك أن الامر لم يكن سهلا فالاختصار ربما أضر بالفكرة إن لم يكن محسوباً وأنا على علم مسبق ان القارئ الالكتروني قارئ ملول ، ولكن جدية الطرح والأسلوب القريب من قلب القارئ هما العاملان المهمان المخففان من وطأة الملل وقد جربت أن أطيل في بعض المواضيع التي تستحق وتحتاج الإطالة فكانت النتائج والقراءات غير متوقعة ايجابياً، غير أني لا زلت أحبذ طرح الفكرة وتسليط عقل القارئ عليها بأقل عدد ممكن من الكلمات وبأكثر الطرق اختصارا إلى قلبه.

أما فيما يخص الكتابات ومحاكاتها للنخبة فأنا ومنذ الحرف الأول في حديث أي خميس أحاكي قرائي على أنهم جميعهم نخبة أولا باختيار الموضوع واعتدال الاسلوب ثم بالشرح للعبارة التي يصعب فهمها على البعض وبحميمية ولطف أتقرب بهما إليه وأقربه مني قدر الامكان أما نتائج ذلك فكانت رائعة فأنا أستلم الآن طلبات من قراء بدأوا معي بتواضع واليوم يطلبون مني حديثاً عن قصيدة بعينها أو شاعر بعينه وهذا يجعلني بغاية السعادة والانشراح والمضي في اختيار المواضيع التي تتناسب وأصدقائي.

أوافق الآراء الصحيحة حتى وإن كانت ضد رأيي

س٣- نجد الكثير من النقاشات من كبار الكتاب عبر حديث الخميس هل تعتبر أنك استطعت إحياء النقد وحضوره؟

لعل ذلك يعود إلى الجدية التي أتعامل بها مع المواضيع أما النقد فلابد من وجوده في حياة الأديب فهو إشارات المرور التي تحدد له الجهة المناسبة والوقت المناسب لانطلاقه مما يساعده في تنظيم مسيرة أفكاره ومن ثم إبداعه.

أقول: نعم أعتقد أنني استطعت إحياء وإعادة جزءً من النقد إلى مكانه الطبيعي وتحسين العلاقة والفهم بين الكاتب والقارئ

س٤- كيف يكون ردك على من يخالفونك الرأي سلبا أو إيجابا؟

هذا الأمر يحتاج إلى تصرف جريء واحد ، وهو استبدال المقاعد بيني وبينه ثم النظر لنقطة الخلاف بعين المخالف ، لم أصطدم بآراء مخالفة كلياً إلا مرة أو مرتين وكانت الأسباب بعيدة عن موضوع حديث الخميس لكن في الغالب أوافق الآراء الصحيحة حتى وإن كانت ضد رأيي.

التأليه إصابة للثقافة والإبداع في مقتليهما

س٥- بعض النقاد يتناولون القصائد انطلاقا من السيرة الشخصية للكاتب بعيدا عن النص، حتى أنهم صاروا يعتمدون على آرائهم السياسية ، ماتأثير ذلك ؟

هذا شرخ وهوة قاتلة في قراءة النصوص فلا فضل لأديب على أديب إلا بالإبداع بصرف النظر عن هويته وزمنه وقوميته ودينه وعرقه ، الفن لا ينظر له إلا بعين الفن ولا يؤول أمره إلا للفن ، الأصنام مرفوضة في جميع الفنون والآداب والتأليه إصابة للثقافة والإبداع في مقتليهما

للشعر خطوة على الرواية

س٦- يقال إنه زمن الرواية وليس الشعر مارأيك؟

لست مع هذا الرأي ولو افترضنا أن الشعر والرواية كلاهما يعالج ويتداخل مع تفاصيل الحياة بخطين متوازيين وعلى حد سواء فإن للشعر خطوة على الرواية ذلك أن الشعر حديث الناس لسهولة حفظه وانتقاله مشافهة عبر صدور الحفظة أما الرواية فباقية رهينة بين دفتي الكتاب، هذا من جانب ومن جانب اخر للرواية قراءة واحدة ثم تركن على الرف اما الشعر فهناك قصائد متجددة سواءً بقراءتها من الحافظة او من الكتاب.

 نحتاج تعريفاً واضحاً وبسيطاً للنقد الأدبي

س٧- هل هناك نقد موجه للعامة ونقد موجه للنخبة على غرار النصوص الأدبية؟

قبل الجواب على هذا السؤال نحتاج تعريفاً واضحاً وبسيطاً للنقد الأدبي بمفهوم القارئ البسيط الذي يقرأ للمتعة أولا ثم للاستفادة مما يقرأ ، أنا شخصيا أنظر إليه بشكله البسيط الخالي من التعقيد على أنه  ردود الأفعال المباشرة -السلبية والإيجابية- بعد سماع أو قراءة أي نص وتعتبر هذه هي نقطة الانطلاق وبالتالي نعم هناك نقد بسيط ونقد علمي وكلاهما مهم بالقدر الذي يبقي كلا الفريقين على تواصل مع النصوص

المتعة هي التي تحدد ما نقرأ

س٨- هناك نقاد ينحازون للقصيدة حسب شكلها العمودي على حساب قصيدة التفعيلة والنثر. والفصحى على حساب العامية؟ أنت مع الشكل أم المضمون؟

أنا لا عتبر هذا انحيازا بل أنظر إليه على أنه ميول ومتعة إلى نوع من الآداب، المتعة هي التي تحدد ما نقرأ ، أما الشعر العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر والفصيح والعامي كله ينطوي تحت مسمى الأدب وشأنه كشأن بقية الفنون كالموسيقى والرسم والناس تميل للموسيقى الشرقية مثلا ليس لرداءة الأنواع الأخرى من الموسيقى ولكن لحبها وفهمها التي في نهاية المطاف تحقق بها متعتها

على الشاعر أن يعمل لخلود القصيدة فخلوده في خلودها وليس العكس

س٩- ماهي معايير القصيدة الجماهيرية؟

لا أريد أن أكون كلاسيكيا في إجابتي على هذا السؤال وأقول مباشرة هي التي تعالج وتتفاعل وهموم الناس,  ولكني مهما حاولت لن أستطيع أن اخرج بعيدا عن هذا التعريف مع الأخذ بالاعتبار أن العولمة اجتاحت كل مجالات الحياة ، فإن الشعر أحد هذه المجالات وحاليا نجد السينما والطائرة والقطار والحاسوب والانترنت موجود في القصيدة تصريحا أو تلميحا وكل ذلك سيؤثر وبدون أدنى شك على شكل القصيدة الجماهيرية، وعلى الشاعر أن يعمل لخلود القصيدة فخلوده في خلودها وليس العكس.

الأديب العراقي حقق إنجازات ممتازة طارت به في الآفاق

س١٠- مَن مِن شعراء العراق من هذا الجيل يمكن أن نقول إنهم يمثلون الشعر العراقي؟

لا أستطيع أن أقول مَن مِن الشعراء يمثل الشعر العراقي ولكني أميل إلى بعضهم حسب الابجدية كـ: أجود مجبل وعماد جبار و وليد الصراف وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المكان للذكر والجميع غني عن التعريف وأرى أن الشعر العراقي في أحسن حالاته وهذا الكلام ليس من باب التفاؤل أو الانحياز والمديح بل من نظرة واقعية إلى كمِ ونوعِ المشاركات العراقية في المحافل الأدبية وكمِ ونوعِ المطبوعات للمجموعات الشعرية والقصائد والتي فاز بها عدد ليس بالقليل بجوائز معتبرة.

في الجانب الآخر أجد أن الأهم من الجيل الحالي هي دماء الشعر المتدفقة في جيل الشباب التي باتت تظهر ملامحه على الساحة الأدبية من خلال سماعنا وقراءاتنا لبعضهم وأنا من أشد متابعيهم وباهتمام بالغ متأملا ومتوسماً فيهم جيلا جديدا ربما استطاع أن يضيف شيئاً للشعر العراقي ولأني لست مؤهلا لذكر الأفضل ولا أعرف الجميع سأذكر بعضهم حسب أبجديتهم كنماذج للاتجاهات والمدارس الشعرية العراقية وليس لانهم الأفضل في هذا الميدان كــ : بكر سعيد ، صادق حسن ، ضياء أحمد ،فرقان كاظم, قاسم التميمي ، كوكب الزاباتي ، مصطفى الخياط ، د. مصعب علي  ، محمد ناظم. منهم من أكمل الدراسة الجامعية ومنهم لا يزال لم يتخرج بعد

س١١- هل استطاع الأديب العراقي بشكل عام والشعر بشكل خاص تصوير ماحدث ويحدث؟

الأديب العراقي عاش اسوأ فترة ممكن أن يعيشها أديب بمتغيرات وضغوطات وتحديات كبيرة ومنذ حوالي أربعة عقود بسبب ابتعاده عن الساحة الأدبية العربية للأحداث المتتابعة التي مرت بالبلاد ولو نظرنا إلى شعرائه الكبار فجلهم -ان لم يكونوا كلهم- عاش بين التغرب والبعد عن الوطن كالجواهري والنواب ولميعة عباس عماره , وبين المضايقة للذين هم داخله كالسياب ، وإذا أخذنا كل ذلك بنظر الاعتبار فإن الأديب العراقي حقق إنجازات ممتازة -في الشعر خاصة- طارت به في الآفاق ولا أدل على ذلك من الدراسات الهائلة التي قدمت باشعارهم.

س١٢- برأيك ما هي مهمة الأدب في هذه الظروف. تصوير الجرح أم البحث عن دواء له؟

هذا سؤال رائع وجدير بأن يؤخذ به وأن يعامل على درجة عالية من الاهتمام ، فالثقافة بشكل عام بكل نواحيها بالإمكان أن تُسيّر وتُوجّه لأن تكون عاملا للاستفادة من الأخطاء ومداواة الجروح الاجتماعية التي خلفتها وتخلفها حماقات السياسين ورعوناتهم، وان تكون عاملا إيجابياً للإلتئام ونبذ الفرقة ولكننا بكل اسف نجد هنا وهناك مَن  يجعل الشعر والأدب سببا ليؤجج التعصب والخلاف وزيادة الفرقة.

العاطفة روح الشعر ولا يزال الشعر لغة جامدة

س١٣- قلت: لست انتقائياً في ميولي إلا لثلاثة أشياء؛ الأصدقاء ، واللغة ، والموسيقا، ما هي القصيدة التي تشدك؟

تشدني القصيدة التي تجمع كل ذلك بشرط أن تسري بها روح العاطفة, العاطفة روح الشعر ولا يزال الشعر لغة جامدة وإن كان ذا بناء ومعنى عاليين ، وإن أدهشنا حسن التشبيه والاستعارة والدلالة وإن لمسنا فيها الصنعة والسبك بين مفردات البيت  الواحد ثم بين أبيات القصيدة الواحدة  كل ذلك لا شك من اهم أركان القصيدة لكنها ستبقى بلا روح حتى ينفث فيها الشاعر روحَ العاطفة فتقترب من النفس أكثر وتلامس الإحساس فتحفظها القلوب وتسري على الألسنة وتتناقلها الشفاه فتكتمل أو تقرب من الاكتمال

سمعت عبارات ومقولات من عجائز بسطاء كانت من الممكن أن تكون شعرا

س١٤- قلت: أحب كل الناس وأحب أصدقائي أكثر وأحب كل اللــغة وأحب الشعر أكثر وأحب كل الموسيقا واحب الرست أكثر لكنك لا تعلم أني أحب وطني أكثر من الأصدقاء و الشعر و الموسيقا… هذا يشدني لسؤالك: هل تكتب الشعر؟

هناك روح شاعر تعيش بين جانحي الإنسان أنا شخصيا سمعت عبارات ومقولات وأفكاراً من عجائز بسطاء كانت من الممكن أن تكون شعراً لو أنها صُبت في قالب الشعر. أقول: ربما امتلكت الفكرة واللمحة الشعرية لكنني لا أعرف كيف أصبها بقالب شعري كالشعراء.

أخذت العراق كما أراه وأفهمه أو كما أُحب أن أراه وأفهمه

س١٥- ما الذي أخذته معك من العراق؟

لا أريد أن أبالغ وأقول أخذت الكثير ولكنني أخذت شجن السياب وشباب الجواهري وعزة الرصافي أخذت لطافة دجلة وعنفوان الفرات, أخذت هدأة الآباء ودمع الأمهات أخذت جدية العتابا وحنين الأبوذية وعَتب النايل ، أخذت خفةَ الجورجينا* ودفء العود وتنويمة الناي أخذت العراق كما أراه وأفهمه أو كما أُحب أن أراه وأفهمه

*الجورجينا ايقاع موسيقي عراقي لا أحد يعرفه غيرهم

شاهد أيضاً

مشاركة فاعلة لإتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في معرض أبوظبي للكتاب

  يُشارك اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024 الذي ينطلق في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *