الجمعة, 19 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / الشاعر اليمني وضاح أبوشادي: أنا ابن قبيلةٍ تورِّث الطفل البندقية قبل القلم

الشاعر اليمني وضاح أبوشادي: أنا ابن قبيلةٍ تورِّث الطفل البندقية قبل القلم

الساحة اليمنية تعاني من شعراء ونقاد “مزيفون”

النقد لم يفرز نصوصاً تفرض نفسها على الأدب العربي والعالمي

المبدعين يتعرضونَ للإغتيال غير المباشر

لاطقوس للكتابة لدي.. لكن “صلاةالكتابة” قد تُداهمني فجأة

قال الشاعر اليمني وضاح أبو شادي في لقاء مع الوكالة، بأن الساحة الثقافية في اليمن تعرضت للاختراق والتحريف والتشويه والتهميش والمصادرة، مشيرا بأن المبدعين يتعرضون للإغتيال غير المباشر. ونوه أبو شادي بأن “صلاة الكتابة” قد تُداهمه في أي وقت، حيث لاطقوس للكتابة لديه.
في هذا اللقاء، يتحدث شاعرنا عن شروط الشاعر الناجح وواقع النقد في اليمن، وغيرها من القضايا الأخرى.

* متى بدأن علاقتك مع القصيدة، وكيف؟

-لا أغلو إن قلتُ إنّ قصيدةً صغيرةً ولدتْ معي ،فأنا من أسرةٍ لها علاقةٌ بالشعر ونظمهِ ،وإنْ كانَ شعراً عامياً، إلا أنهُ شعرٌ بالنسبة لمفهوم الشعر الشعبي، ذلك لا يعني أنني نشأت في وسطٍ ثقافي، فأنا ابن قريةٍ لا زرع بها ولا ماء..ابن قبيلةٍ تورِّث للطفل البندقية قبل القلم …ابن مجتمعٍ هدّتْ الأنظمةُ آماله وصادرت السياسات أحلامه. وتحت ضغط المعانة تركَ شبابَ قبيلتي المدرسة نحو الغربة تاركين خلفهم أحلامهم وطموحاتهم المشنوقة بحبال الواقع المرير.

في هذه البيئةِ الجبليةِ، ولدت القصيدةُ كبذرةٍ بُذرتْ في بيداء، ثم انفلقَ من تلك البذرة غصنٌ صغير، جذورهُ إما نشيدٌ مدرسي، أوخاطرةٌ خاصة، أومناسبةٌ ما، ثم أخذ عوده يشتد ويقوى، ليسفر عن سنبلةٍ تنبئ عن نصٍّ محترفٍ وقصيدةٍ منتظرةٍ تجاوزتْ سن صاحبها، لقد كنت أشعر حينها أن عمر قصيدتي يسبق عمــري، ثم تبلورت تلك الأفكار وأتت السنبلةُ أُكلها كمواقفٍ إنسانيةٍ ومعاناةٍ مشتركةٍ وتجاربٍ واقعيةٍ خاصة.

*هل لميلاد القصيدة لديك، طقوس معينة؟

– هنا يختلف الأمر باختلاف الفكرة، أحيانا تمر الفكرة بمراحل الجنين كاملة حتى يأتيها المخاض إلى جذع قلم في ليل هادئ أو صاخب لافرق إن كان موعد انجاب القصيدة قد حان.

وأحيانا أخرى يستوقفك مشهد في حياتك اليومية فيمثل بيئة خصبة لاختصار تلك المراحل في وقت قياسي وتأتي القصيدة كما لو أنك قرأتها من قبل.

أيضا قد يمر الشاعر بلحظة انفراد بذاته وفجأة يشعر برغبة شديدة لصلاة الكتابة، لا يعلم ماسيكتب إلا إنه يرغب بذلك وبشدة، وشعور بداخله يخبره أن اكتب فحسب هنا تبدأ الكتابة والإسترسال المباشر حتى تكتفي وتجد قصيدتك ماثلة أمام قلبك مكتملة الخلق، هذا وقد يمر الشاعر بظروف عاطفية أو نفسية سلبية كانت أو إيجابية، وهناك ظروف أخرى كثيرة كالمناسبات مثلا وكلها أسباب وأغوار يستخرج منها الشاعر الفطن ددره، و رأيي الشخصي أنه لا يجب أن يلتزم الشاعر بطقوس معينة حتى يكتب، بل يجب أن يمتلك بديهته السمقة ويدربها على الحضور متى أراد ذلك، لأن التزامه بطقوس معينه ستخذله القصيدة في مواقف ومواطن كثيرة تعارض ظروفها طقوسه الخاصة.

*لا نص بدون قارئ، فلمن يكتب وضاح أبو شادي؟

– (النص في حقيقته هو بنية دلالية تنتجها ذات “فردية أو اجتماعية” ضمن بنية نصية منتجة، وفي اطار بنيات ثقافية واجتماعية محددة).
وعليه فإن مفهوم لا نص بدون قارئ، مفهوم خاطئ، لأن النص الحقيقي سيبقى نصا متواجدا بقوته وليس بحضوره الزمني مهما عاش بين ركام الكتب وغبار الرفوف، حتى يأتي زمانه، وحينها سيبرز النص إلى المشهد بقوته وحضوره معاً وسيستعيد مكانته التي صادرها عنه الزمن الماضي.
والدليل….كم من نص عاش مهملاً كصاحبه في عصور مضت ثم أصبح نصاً مهملاً بعد زمن، فهناك الكثير من النصوص المهملة اليوم لكثير من الشعراء والكتاب الذين لم ينصفهم الزمن، إلا بعد عقود من رحيلهم. وضاح أبوشادي لا يكتب لنفسه فقط بل للإنسان الذي يعيش فيه، وللطين الكامن في أعماقه.

*إنّها قضيةٌ تستدعي الوقوف عليها قليلاً، ماالذي يجعل النصِّ متواجداً بقوتهِ وليس بحضوره الزمني؟

– إن قوة النصِّ وفكرتُهُ التنويريةُ القادرة على التجديد والتأثير سببٌ لمصادرته وإخفائه عن المشهد أحياناً، هناك من لايريد للقارئ أنْ يطلع على الثورة الكامنة في النص، خاصة قبل بروز وسائل التواصل الإجتماعي، ولو قرأنا تلك النصوص التي صادرها الماضي وانصفها المستقبل لوجدناها ترسم فوضى الإبادة الحاصلة في الأوطان، ولوجدناها تصوّر أوجاع الشاعر والكاتب والمثقف الذي عانى التشرد والغربةَ والمطاردة والتي أبعدته عن أهله ودياره .

أما القارئ: فلا يمكن أن يكون غائبا ، لكن وجهة نظري، القارئ اثنان :القارئ العادي والقارئ المثقف. ونحن اليوم بحاجة إلى القارئ المثقف الذي يتعامل مع النص الأدبي كمعطى مميزٍ، ويستطيع الوقوف على مايريد أن يقوله النص، القارئ الذي يمتلك حتى القليل من الثقافة، وليس القارئ العادي، خاصة عندما يكون النص نصاً رمزياً وله أبعاده الخاصة.

فصنعاء في قصيدة المقالح: (يوماً تغنى في منافينا القدر * لا بد من صنعاء وإن طال السفر)، هي غير صنعاء في قصيدة الشافعي، فالمقالح ينتظر صنعاء وهو فيها، بعكس الشافعي الذي كان بعيداً عنها..إن صنعاء المقالح هي صنعاء الحرية والكرامة التي تمناها الشاعر ورسمها بخياله وإحساسه. وبجماليون المقالح كذلك غير بجماليون برناردشو، وتوفيق الحكيم.

الشمس اليوم لاتعني فقط العلو أو الجمال أو الضوء، بل قد تعني الحرية، إنها ثقافةٌ عميقةٌ يجب أن يتسلح بها الناقد أكثر من القارئ ومن الشاعر نفسه، نحن نعلم أن مجتمعنا اليمني لم يصل إلى هذه المرحلة من النضج الفكري، لكن هذا لايعني أن لايكون لدى القارئ ولوقدرٌ بسيط من الثقافة التي تخوله بالقراءة، وتجعلنا نطلق عليه مصطلح قارئ.

*هل انت مع القول ان الشعراء الشباب يعيشون في حصار من قبل الإعلام اليمني؟

-الثقافة بشكل عام هي جزء من نظامٍ عامٍ، وتتعرض مثلها مثل الدين والسياسة للاختراق والتحريف والتشويه والتهميش والمصادرة .

والإعلام اليمني ليس لديه الوقت ليقدم الإبداع، ومايحمله في طياته من التجديد فهو مشغولٌ جداً بالتطبيع لهذا الشخص اوذاك، إنه إعلامٌ خاص لاوطني ! بل هناك من يعمل على إخضاع المبدع للتقليد والتبعية، وقد وقع في ذلك الفخُّ الكثير من المبدعين الذين تناسوا مهمة المبدع وتنازلوا عنها مقابل الشهرة، وهنا يظل الضحية الأول والأخير هو الشاعر الحقيقي والنص الشعري.

* لماذا يختفي الشعراء الشباب من الساحة ؟

– لاننسى أن اليمن هو بيئة خصبة للإبداع، لكنَّ المبدعين يتعرضونَ للإغتيال غيرالمباشر، ولنا أن نقارن إنجاز الإعلام اليمني بغيره أمام المبدعين، لوجدنا أن كل من لمعت أسماؤهم من الشعراء والكتاب اليمنيين الشباب لم يأتوا عن طريق إعلام اليمن بل عن طريق إعلام البلدان الأخرى، وخذ مثلاً على ذلك أمير الشعراء عبدالعزيز الزراعي، فلولا مثابرة وجهد وتضحيات الزراعي و فضل برنامج أمير الشعراء، لما حصل على امارة الشعر، ولظل في وطنه مثله مثل وضاح ابوشادي .

*كيف نصنع شاعراً حقيقياً؟

– نصنعه من خلال تجريد النقد من الدوافع الذاتيه، فهناك نقاد وهميُّون أنتجوا لنا شعراء وهميين، ونصنعه حينما يكون النقد اليمني مواكباً للعصر وليس ارتداداً للظواهر الشعرية والنقدية المصدرة عن طريق الصحافة والإعلام .

*ما هي هموم الشاعر الشاب اليمني، بنظرك؟

-الشاعر الشاب هو جزء من المجتمع الذي يعيش فيه، يحلم بما يحلم به شعبه ووطنه، إلا أن طبيعة المبدع وخاصةً الشاعر أشد إحساساً بالوجع، وأكثر معايشةً للجرح، إنه يتمزق ويحترق، ويثور ويبكي بصمت، هناك شعوبٌ تثور خلف ضلوعه واوطانٌ تصرخ في عينيه، ورغم ماقد يحملهُ من أحلام ذاتية، إلا أن حلمه الأكبر وهمه الأول والأخير هو وطنٌ واحدٌ أساسه الحرية والعدل والمساواة والعيش الكريم.

*أسأل عن النقد الأدبي باليمن؟

-النقد باليمن بشكل عام لم يفرز الى الان نصوصاً تستطيع أن تفرض نفسها على الأدب العربي والعالمي إلامحاولات للنقاد المعروفين كالمقالح .

مكـــــــاشفة:النظام في اليمن بشكل عام يحتاج إلى إعادة النظر، فكما أنّ هناك ساسةٌ مزيفون فهناك نقاد وشعراء مزيفون، لقد أصبح الناقد والمثقف اليمني يتاجرُ بالمبادئ مثله مثل السياسي، لقد تناسى الناقد أنه منظارٌ يملكهُ الكاتب أوالشاعر ليرى من خلاله مالايستطيع رؤيته بخياله، فتحول من النقد الثقافي، إلى التهريج السياسي، وبسبب هذا الميول السياسي والإنتماء الشخصي تأخرت حركة الفكر والثقافة في اليمن .

* أي نوع من النقاد تحتاجهم الساحة الادبية باليمن؟

– نحن لسنا بحاجة إلى الناقد الباحث عن الشهرة، بل الناقد الذي يرتبط بالنص اكثر من ارتباطه بالأشخاص،الناقد الذي يقفُ على النصّ وقوف القاضي العادل على الدعوى في المحكمة، مع تقديري للنقاد القلائل الملتزمين بمنهجية النقد، والمتحررين من التبعية بجميع اشكالها الفكرية والسياسية.

*نصيحة توجهها للمبدعين الشباب؟

-أقول لهم كما قال ميخائيل نعيمة في نصائحه للأدباء والشعراء الشباب في كتابه (مهب الريح):أخي المبدع؛ مادمت تشعر أن لديك رسالةً ، فلاتيأس وإن أغلقت في وجهك أبواب الصحف والإعلام ودور النشر ، فأنا واثق أنك ستشق لرسالتك طريقاً في النهاية .

*بكلمة ماذا يعني لك :(الوطن، المرأة، الطفل، الإنسان)؟

الوطــن : حياة
الطفــل : مستقبل
الإنسان : ثروة
المـــــرأة :أمان

مقتطفات

يسعدني ..
أن أكون متهماً بحبك !

ويسعدني..
أن يزورني وفدٌ رفيع المستوى ،ويفاوضني حول التخلى عنك ِ،
فأرفض كل العروض وأتمسك بك.

يسعدني …
أنْ أشربَ الشايَ ،
وأضعَ ساقاً على ساقٍ، وأشاهد التلفاز وهو يعلنُ فشل المفاوضة .

يسعدني
أن أعترف بتورطي فيك،
وان أرفض أي حوارٍ بهذا الشأن .

ويسعدني ،
أن يصدر ضدي حكمٌ غيابيٌ
كمجرم حبٍّ مع سبق الإصــرار والترصد .

شاهد أيضاً

الإمارات : إنطلاق مؤتمر الترجمة الدولي الرابع بمشاركة أكثر من 25 دولة

  بمشاركة باحثون وخبراء من أكثر من 25 دولة انطلقت، اليوم، فعاليات مؤتمر الترجمة الدولي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *