الجمعة, 19 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / محسن العويسي: القصيدة العراقية هي المنافس الأصعب في ساحات الجوائز العربية

محسن العويسي: القصيدة العراقية هي المنافس الأصعب في ساحات الجوائز العربية

شاعر يجود قلمه بحبر مداده من رافدي العراق، يكتب كلماته بشغف وحب للحروف، هو ابن القصيدة، تعيش في كنفه ويعيش بين مفرداتها وصورها، هو من جيل يشهد عراقة شعر العراق ، ويرى إلى أن في العراق اليوم من يحمل الهم الشعري، ويعتبر أن القصيدة العراقية هي المنافس الأصعب في ساحات الشعر العربية، هو الشاعر العراقي محسن العويسي الذي كان لنا معه هذا الحوار

في البداية حبذا لو تعرف جمهور الوكالة من هو محسن العويسي؟

أنا شاعر عراقي وجد نفسه في بستانٍ خضيلٍ اسمه القصيدة, بكلّ ما تحمل هذه القصيدة من أزاهير وعطور وبكلّ ما يمرّ عليها من أمطار ورياح.

الحالة الشعرية حالة ربما تكون غريبة يمر بها الشاعر صف لي هذه الحالة؟

  الشعر كائن هلامي ينمو مع الإنسان منذ نعومة أظفاره, ويكبر معه شيئاً فشيئاً إلى أن يكتشف ذلك بنفسه, وعندها يبدأ بصقل موهبته من خلال القراءة والاطلاع على تجارب السابقين والمعاصرين له, ويبدأ نضجه التدريجي إلى أن يصبح متمكناً ومحترفاً في مجاله, أما بالنسبة لي فالشعر هو الرئة الثالثة لي, فلا استغناء عن هذه الرئة التي من خلالها أتنفسُ هواءَ القصيدة, والشعر تفَضَّلَ عليَّ كثيراً, فمن أجله أصبحت القراءةُ جزءاً لا يتجزأ من حياتي, فلا شعرَ من دون قراءة ومتابعة لكلّ جمالٍ, فالشعر يحتاج أن أقرأ الأدب العربيّ وتاريخه على مرّ العصور, وأن أقرأ الآداب الأجنبية, وأن أتعمّق في قراءة التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع والتعرف على الأديان ومعتقداتها, وأن أكون قريباً من الأساطير العالمية, فالشعر يريد مواكبة الحياة بكلّ تفاصيلها, وهذا ما أعانني عليه عالم القصيدة.

كيف تتدفق القصيدة عن محسن العويسي بمعنى هل تكتبها دفعة واحدة؟

كل قصيدة تختلف عن الأخرى, بموضوعها وأجوائها, فهناك قصائد أكتبها خلال ساعات, وهناك قصائد أكتبها خلال أيام أو أكثر, وهناك قصائد أخرى أتركها للزمن, فأكتب جزءاً منها ثم أتوقف لا إرادياً, فأحياناً أتمّها بأوقات خاصة, وأحياناً أتركها ولا أقترب منها.

أم أن موضوع الكتابة يحتاج إلى دوافع؟

أغلب القصائد لها بواعث خاصة, كالحزن أو الفرح أو الألم أو النشوة, وهناك قصائد تنبعث من فكرة ما, أو من خلال قراءة لرواية أو كتاب, فتتولّد لديّ فكرة تتناسل منها أجزاء تلك القصيدة.

كيف يقرأ محسن العويسي ما يطلبه قراؤه؟

نعم, فللقارئ الحق في ما يريد, لكنّ الشاعر ليس تحت الطلب, فالشاعر الذكي يعي ما يريده متذوقو الشعر, أو المادة التي يبحث عنها الناقد ليكتب عنها.

وهل يتبدى لك الناقد الداخلي أثناء الكتابة؟

أتصور بأن الناقد الداخلي مولود مع أي شاعر بالفطرة, لكن المشكلة في التعامل معه, فهناك شعراء يهتمّون جدا في كتاباتهم مع مراعاة نقدهم أولاً لقصائدهم باستمرار إلى أن يقرأها على المنصّة, فتصبح ملكاً لجمهوره, وهناك شعراء لا يهتمون كثيرا بعملية نقد نصوصهم, فتكون قصائهم عرضة للنقد الخارجي أكثر من غيرهم.

وما دور الناقد في تجربة محسن العويسي؟

أنا مع الرأي الأول, فينبغي للشاعر أن يكون حذراً قبل أن تخرج قصائده إلى جمهوره, وأن يعيد صقلها أكثر من مرة, فالجمهور اليوم هو جمهور مثقف وواعٍ.

برأيك لماذا يغيب بعض الشعراء عن الساحة ويتصدر من هو أقل شاعرية وأقل مستوى المشهد؟

هناك الأشعر, والأشهر, فالأشعر هم فئة غالباً لا تسلط عليهم الأضواء لأسباب مختلفة, منها تقصيرهم في الوصول لجماهيرهم, أو بسبب الحسد أو المنافسة غير الحيادية, يستبعدون عن كثير من المهرجان أو الجلسات الأدبية. وهناك الأشهر وهذه الفئة في أغلبها أقل شعرية من الأولى, لكنها تصل إلى الإعلام بسهولة ويسر, وشعراء هذه الفئة لهم أسبابهم أيضا, فمنهم مثابرون أو أصحاب علاقات متنوعة, ومنهم وُصوليون, ومنهم مَن خدمهم الحظ.

غاب الكثير من قامات الشعر في العراق برأيك من هم الشعراء الذين من الممكن أن يحملوا  عبء رمزية الشعر في العراق وأن يكونوا رموزا في المستقبل؟

هناك الكثير من شعراء العراق حملوا ومازالوا يحملون الهمّ الشعري على عاتقهم, وخصوصا الجيل التسعيني والجيل الذي جاء بعده, فهذان الجيلان ما زالا يقدمان الكثير للمشهد الشعري العراقي, أما بخصوص الأسماء فلا يمكنني ذكر أسماء بعينها.

أم أن هناك اليوم من هو أصبح يشكل اسما لا يمكن أن يمحى من الذاكرة؟

هناك أسماء شعرية عراقية مهمة مازالت ترفد المشهد الشعري, لكننا اليوم في عصر القصيدة, ولسنا في عصر الشاعر, فالقصيدة القوية تنال شهرة واسعة وإن كانت لشاعر لم ينل حظّه من الشهرة, وهناك قصائد كثيرة لشعراء معروفين لم ترتقِ لذائقة الجمهور.

نشطت خلال السنوات الأخيرة عدة جوائز إبداعية في الخليج وكان للشعراء العراقيين نصيب كبير فيها؟ برأيك كيف يستطيع الشاعر العراقي أن يقدم ذاته وسط منافسة عربية واسعة؟

الشاعر العراقي رقم صعب في منافستِهِ الشعراءَ العربَ في مختلف الجوائز العربية, فالشعراء العراقيون يمتلكون لغة شعرية تكاد تكون متفرّدة, لذا فالقصيدة العراقية تبقى المنافس الأهم في تلك الجوائز.

وما السر الذي يجعله يحوز هذه الجوائز؟

ما قاله درويش بحقّ الشعر العراقي ” إن الشِّعْرَ يُولَدُ في العراقِ، فكُنْ عراقيّاً لتصبح شاعراً يا صاحبي”

ما الجديد الذي يحضره محسن العويسي لجمهوره؟

سأقوم بطباعة مجموعتي الشعرية الجديدة قريباً بإذنه تعالى, وسبب تأخري عن طباعتها هو انشغالي في الدراسات العليا التي أبعدتني لسنوات عن كتابة القصيدة.

وبماذا تحب أن تنهي هذا الحوار؟

بمقطع من قصيدة “مياه لا تتقن البلل” وهي قصيدة تحدثتُ فيها عن اللاجئين العراقيين والسوريين الذي غرقوا في المياه الإقليمية بين تركيا واليونان, بعد أن هربوا من أعمال العنف والإرهاب التي تسبب بها تنظيم داعش.

((مياه لا تتقن البلل))

وأنا أغنّي كان يتبعني الجنوبُ إلى المياهْ

كانت قواربُ موتِنا

 قد أنبأتنا أنَّ أندَلُساً تلوِّحُ نحونا

وأصابع البشرى

 تُفتّشُ عن يدِ امرأةٍ تربِّي جُرحَنا

لِتخيطَ أمطارَ الرحيلِ

على وجوهٍ لم تَذُقْ من صوتها غيرَ الصدى

 لتضيءَ فوقَ شفاهنا قُبَلاً من اللَّبلابِ بلّلها الندى

*

وأنا أغنّي كانتِ الأسماءُ تهربُ من فمي

كسبيَّةٍ كَتَبَت وَصِيَّتَها على رملِ البكارةِ قبل أن تَلِدَ المياهْ

البَدْءُ طينٌ والنهايةُ أَلْفُ آهْ

البَدْءُ طينٌ والنهايةُ وجهُها المائيُّ تُشعِلُهُ لِحىً ما آمَنَتْ بالماءِ إلا

في غياهبِ شهوةٍ مجنونةٍ خُطَّتْ على سبّورةٍ عذراءَ مارَسَتِ المياهُ

بها نشيدَ جهادهم فاغرورقَتْ مدنٌ وَهَمَّتْ بالنعاسْ

يا ألفَ أغنيةٍ بَتكبيرٍ تُداسْ

عوليسُ يسألُ صخرةَ الإغريقِ

عن وطنٍ أضاعَتْهُ العمامةُ واللباسْ

سبعٌ وسبعٌ قَدْ مضينَ وقيدُهُ أَبَدٌ تشيّدُهُ وعودُ

الليلُ يهذي والبلادُ غريبةٌ فمتى تعودُ

*

وأنا أغني كنت أحمل في يدي منفى

 وفي الأخرى بلاداً مستحيلةْ

الفجرُ يبذرُ في المياهِ سنابِلي ,

 وعلى سنامِ قصيدتي قلقٌ نما

يستلُّ خاصرةَ الحروفِ فيرقصُ المعنى على لغةٍ قتيلةْ

لا شفرةٌ للوقتِ لمّا وقتُهُ يمضي لترميمِ الصباحْ

وأنا أغنّي يغتلي قِدْرُ الخليفةِ بالطهاة الجائعينْ

كانوا حرائقَ أمسِهم

كانوا أثافيَّ الفتاوى والنّباحْ

أَمْ ما لأفواهٍ تُشرِّعُ جوعَها خبزاً بتنّور الحروبِ المستبدّةِ بالهلالِ وبالصليبِ

 ونجمةٍ أخرى تمسِّدُ شَعرَها فجراً بكذبةِ حائطٍ يستلُّها مثلَ الجديلةْ؟!

*

وأنا أغنِّي كنتُ أحملُ سلَّةَ التفّاحِ من شجرِ القصيدةْ

لِيُحَدِّقَ التوتُ البليدُ معي بذاكرةِ القرابين البعيدةْ

أنَّ التقاءَ الموتِ في الوطنِ المهَيَّأِ للهبوطِ

بِيَدَيْ عمائمهم توضَّأَ بالسقوطِ

*

قالوا لنا في الضفة الأخرى إلهْ

هو ليس مثلَ إلهنا يزني ويقترفُ الصلاةْ

هو عاشقٌ يصغي لغرقى الصبحِ من ماءٍ يتمتمُ حولَهُ

بدرٌ هلاميٌّ بقلبٍ عابثٍ لا ظلَّ يدنو منهُ غيرَ بقيةٍ

من قاربٍ علقت على خشباته ضحكاتُ طفلٍ لم يزل

في القاعِ يرسمُ موطناً من ميِّتينَ لهم ملامحُ هدهدٍ من دونِ

أجنحةٍ وها قد هَدَّهُ سُكْرٌ مُبينْ

في الضفةِ الأخرى إلهةُ عَاشِقِينْ

يدها نبيذُ خلاصِهم

ونشيدُ نسرٍ كانَ رمزاً للمنايا في شِعارِ بلادهم

الآنَ ناموا يا صغاري مُترفِينْ

قالت وقد نامَ الضجيجُ برأسهم فاستيقظَ الحلمُ الجديدُ

على حكايةِ أمِّهم

الآنَ ناموا يا صغاري

شاهد أيضاً

إنطلاق مؤتمر الشارقة الدولي للغة العربية 24 أبريل

  ينظم قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة، فعاليات الدورة الأولى …

تعليق واحد

  1. علي الحميدي

    الله يوفقك بحق محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
    يا غالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *