الأحد, 28 أبريل, 2024
الرئيسية / قصائد الشعراء / بقايا ورود – محمد سعيد شحاتة

بقايا ورود – محمد سعيد شحاتة

ضمَّني
ثم كلـَّلني بالورود
ومشـَّط ذاكرة الأمنيات
وقال :
ها هو الغيمُ
يَقدُمُ بعد انقضاءِ الفصولِ
وبعد انحباسِ السنابلِ عن حقلها
صهواتُ الخيولِ التي غادرتْ
في الهزيع الأخيرِ
تلمُّ شتاتَ القصيدةِ
مغمورة ٌ بالحنين
والتقاويمُ هاربة ٌ
والمواعيدُ مصلوبة ٌ
بين صدرِ الرياحِ
وخاصرةِ الصحراءِ
مَنْ لتلك السنين التي
تمتطي ظهرنا ؟!
والقراصنةِ العابرين
على أرضِنا ؟!
والموانئُ منسوجة ٌ من ضلوع
ها هو الليلُ
يلبسُ قبَّعة الغرباءِ
تدلـَّى كحبلٍ من النافذة ْ
بين بوَّابتين
وكنـَّا إذا يتدلـَّى من القلبِ
بُحْنا بأسرارنا
يا الذي كان صومعة َالغرباءِ
وحاديهمُ
كيف صرتَ غريبًا
تعلـِّقُ إن أنتَ جئتَ التمائمَ
كي نعرفكْ ؟!
كيف صرتَ حزينـًا
كصفصافةٍ ؟!
يتدلـَّى لسانكَ في صفحةِ البوح
مهترئـًا
والهوى أتلفكْ
*
يا التي جئتِ مسكونة ً بالسنين
وممهورة ً بالحنين
المرايا التي تتبخترُ في مقلتيها القصيدة ُ
صلصالـُها الغيمُ
والقلبُ ربوتـُها
صافحتـْها يداكِ
فغنـَّتْ
والمرايا التي تتعانقُ في مقلتيها الجراحُ القديمة ُ
تاريخُها العمرُ
والقلبُ صفحتـُها
لمستـْها يداكِ
فأنـَّتْ
والعيونُ التي تستبيحُ القصيدة َ
كيما ترمِّمَ قلبًا تآكلَ
بين الجراح وبين الموانئِ ِ
مسكونة ٌ بالمدى
كحصان ٍ جموح ٍ
يُلملمُ عمرًا
تبعثرَ بين الرياح
وبين المدائنِ
تختزلين المدى
والمدائنَ
والزمهرير
مكلـَّلة ً بالغيوم تجيئين
يا جبهة َالغيم
عند احتراقِ المواسمِ
مغمورة ً بالندى
*
ضمَّني
ثمَّ وسَّدَ في مقلتيه الضياءَ
وساوَمَ عمرًا
تبعثرَ في طرقاتِ اللظى
وامتطى ظهرَ أخيلةِ الشعراءِ
وقال :
هو الغيمُ
فاغسلْ ضلوعَكَ
والأوردة ْ
لملم البوحَ
من شرفاتِ القصيدةِ
خاصمْ رؤاه
ومَنْ أوردهْ
إنكَ الآن صومعة ٌللورودِ
وصوتُ النشيدِ
ومَنْ أنشدهْ
قلتُ
والشرفاتُ تبعثرُ أسرارَنا :
هل رأيتَ على عتباتِ المواني
دمًا مستباحًا
وبعضَ ضلوع
تبوحُ بأسرارها للسفنْ
إنها أضلعي
تتوارى عن الأعين الراصداتِ
وتحلمُ بالشمسِ والبحر ِ
يلتقيان على عتباتِ السماءِ
ويستمعان لبوح الغصون
وهذا الدمُ المستباحُ دمي
سفحته العيونُ التي تتبخترُ
بين الأسنةِ
تحملُ خنجرَها
هل شهدتَ عيونَ الأماني
على عتباتِ الحبيبِ
تصارعُ كي لا تموتَ
وكم شهدتْ مصرعي
أيُّها العامريُّ
تطيلُ التوسُّلَ
هل أنقذتكَ أغانيكَ
كمْ أرقصتْ في المساءِ سريرَ الخليفةِ
في مجلس بالحسان توهَّجَ
أو رحمتكَ الطيوفُ
بتلك البراري
تقولُ :
هو الحبُّ ينسلُّ بين الضلوع كأفعى
ويُحْكِمُ قبضته كالسباع الضواري
ويقتلُ مثلَ العدوِّ الغشوم
رأى فرصة ً
كيف خانتكَ تلك الحرابُ التي صنعتها يداكَ
وأسكنتها القلبَ
كيما تدافع عن مقلتيكَ اللتين تبدَّلتا
بانقضاءِ الفصولِ
صنعتَ الحرابَ
وأتقنَ صُنعَ الشباكِ
فأيُّـكما يتباهى بصنع يديه
وتلك الفريسة ُ بينكما تتوقـَّى الشركْ
أيُّها العامريُّ تجوبُ البراري
وفي مقلتيكَ أمان ٍ عجافٌ
وأوصافُ مَنْ قتلوكَ
وأنتَ بأبوابهم ترتجي نظرة ً
تتناسلُ أوجاعُكَ
اعتصرتكَ العيونُ التي
تدَّعي أنها تشتهيك
*
عند بوَّابة الليل تلمعُ أشرعة ُالسفن ِ
الريحُ والبحرُ يلتقيان
وأنتَ على عتباتِ المواني
دمٌ مستباح
*
ضمَّني
ثم أسندني للصخور
ولملمَ أسمالَ عمري
وأسبلَ فوق الضلوع بقايا زهور
وقال :
سلامٌ عليكَ إذا الليلُ جنَّ
وغابَ على الأفق لمحُ المطايا
سلامٌ عليكَ إذا الكأسُ أنَّ
وتحفظ ُمنه الشفاه بقايا
سلامٌ عليكَ إذا اللحنُ غنـَّى
وطاف البلادَ وأشجى الرعايا
إذا أنكرتكَ عيونُ الحبيبِ
فقد عشقتكَ قلوبُ البرايا
وطافتْ بذكركَ بين الدروبِ
فغنـَّتْ طيورٌ وأنـَّتْ حنايا
وضمتكَ في شغفٍ أعين ٌ
فكنتَ الخيالَ وكنتَ المرايا
سلامٌ عليكَ مع العابرين
تجوبُ القلوبَ وتروي الحكايا
سلامٌ عليكَ
سلامٌ عليكَ
*

شاهد أيضاً

بيروت تُسَرِّحُ حزنها … قصيدة للشاعر محمد عبدالله البريكي

ماذا هناكَ الآنَ؟ يسألُ كاسَهُ ويشدُّ عن غبَشِ السُّؤالِ نعاسَهُ ويقولُ: يا بيروتُ، طاولةُ الهوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *