الخميس, 18 أبريل, 2024

سؤال التيه

قصيدة سؤال
طينٌ وإشراقهُ قد نوَّرَ الفَلَكَا = ماءٌ وكم حيّـَرَ الشّيطانَ والملكَا
مذ قال مولاكَ: “إني خالقٌ بشراً”=قالوا : وذاك دمٌ قد جاءَ فانسَفَكَا
وقال إبليسُ يا كيفَ السجودُ لهُ= والنارُ كيفَ ستعطي وجهها الحلَكَا؟!
أهاهُنا مَلأٌ في الطِّينِ مُختصمٌ؟!=صلصَالهُ خَزفٌ قَد رنَّ؛ فارتَبَكَا!
يا لاصطفاءِ العُلا للعبدِ خيّـَرهُ = أمراً فحيـَّره , في غيِّهِ بركَا
مذ قال “لا تقربا “والقربُ شهوتهُ = و”هل أدلُّكما” في صوتِهَا هَلَكَا
تفَّاحةُ الخُلدِ يا مِسكينُ خادعةٌ = أطعت من جاء كي يُشقيكَ؛ فامتلكا
وقال: منها اهبطا حتى يجيءَ هُدى= من ضل ذَلَّ ومن يُرشدْ فقد سلكا
ها قد أتيتَ , سؤالُ التيهِ منتصبٌ= وجاءَ يضربُ وجهَ العقلِ فاعتركا
هو السؤالُ وكم للجسم أسئلةٌ = حوَّاءُ ما شأنُها , فالحبُّ أنشأكا؟
ها قد عرفتَ وهذا البطنُ ممتليءٌ = قابيلُ قد غارَ من هابيل فاشتبكا
يا صولةَ النارِ كانَ الطينُ في سكنٍ = حتَّى اشتعلت , فصُغت السيفَ ؛ فانسبكا
غُصنانِ من شجرِ الحرمان قد نبتا = فرخانِ لم يبصرا من بيَّتَ الشَّركَا
مذ كان ريشُ الورى في الكونِ من زغبٍ =وكلُّ مُستضحكٍ وجهَ السرورِ بكى
أخذتْ من شجرٍ نُشَّابَ معركةٍ = أما أنستَ بهِ , بالحُبِ ظلَّلكا؟!
يا حُلمَ تيهِ وفي رؤياكَ محزنةٌ = لونُ الدماءِ أتى شؤماً فأوَّلكا
ومُديةُ الحقد كم أودتْ بحاملها = وخابَ من لستار الرُّوحِ قد هتكا
للخيـرِ مولاكَ قد أحياكَ من عَدمٍ= ولم يُردْ للبِنَا هَدَمَاً فشيَّدكا
سكينُ ذبحٍ وللآمالِ قاطعةٌ= حتَّى لذي الحُسن ها قد قطَّعتْ يدكا
غيابةُ الجُبِّ قد غالت طفولتهُ = وأسلمتهُ إلى السجَّانِ “هيتَ لكا”
يا أنتَ هل غرَّكَّ الإحسانُ من مَلِكٍ = باللطفِ من طينةٍ سوَّاكَ , عدَّلكا؟!
دمٌ بكفَّيكَ ها قد جئتَ تغسلهً = مهما غَسَلتَ , إلى الجبَّارِ منك شَكَى
أمسكتَ منسأةً أعددتَ مُتكأً = والبغضُ للموت والنسيانِ أوكَلكَا
أوحى لك الله ما تحيا بمنهجهِ = أطعت من بالردى والبُغضِ أوحلَكَا
فكنتَ شيطانَ إِنسٍ في غوايتِهِ = وكم تماديتَ .. حِلْمُ اللهِ أمهلكا
وكنتَ في قبضةِ الإشهادِ مُعترَفَاً = واليومَ أنكرتَ مِنْ بالخُلدِ أمَّلكَا
لبستَ قُبحاً وثوبُ الحُبِّ في ألقٍ = فارجعْ لحُسنكَ ؛ هذا الحبُّ جمَّلكا
أمنتهاك لظًى في القلبِ تشعلهُ = وأنت ماءٌ فهل جافيتَ أوَّلكا؟!
الطينُ أصلٌ قديمٌ ما حننتَ لهُ = لكنَّهُ بغروبِ العُمرِ حنَّ لكا

شعر / عبدالناصر عبدالمولى

شاهد أيضاً

بيروت تُسَرِّحُ حزنها … قصيدة للشاعر محمد عبدالله البريكي

ماذا هناكَ الآنَ؟ يسألُ كاسَهُ ويشدُّ عن غبَشِ السُّؤالِ نعاسَهُ ويقولُ: يا بيروتُ، طاولةُ الهوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *