السبت, 27 أبريل, 2024
الرئيسية / قصائد الشعراء / قصة قبل النوم | محمد السويدي

قصة قبل النوم | محمد السويدي

 

كانَتْ تِلكَ آخِرَ قِصَّةٍ حَكَتْها الأُمْ التي قُتِلَت
بِانفِجَارِ لُغمٍ، للطِّفل الذي نام في حضنها لِثمانِيَةِ أَيَّام…

لَكَ الجُرْأَةُ الْعُظْمَى ، لِتَحْفَلَ بِاليُتْمِ
أَيَا النَّغَمُ الْمَنْكُوبُ في رِئَةِ الْفَحْمِ

تَعَالَ ، سَأَحْكِي الْيَوْمَ آخِرَ قِصَّةٍ
عَلَيْكَ ، تَعَالَ الآنَ ، يا تَعَبَ الْوَحْمِ

ويُحْكَى بِأَنَّ النَّهْرَ كانَ مُؤَمَّمًا
بِنَخْلٍ، ويُحْكَى أَنْ : صِغَارٌ بِلا أُمِّ !

تَعَالَ ، فَفِي صَدْرِي مَبِيْتٌ مُرتَّبٌ
وَكَاهِلِيَ الْمَوتيُّ يُثقَلُ بالضَّمِّ

سَتَأَتي نُجُوْمٌ ؛ كَي تُعَانِي ارْتِفَاعَهَا
ويَجْمَعَهَا لَيْلٌ تَثقَّبَ بِالنَّجْمِ

وأَنتَ كَطِفْلٍ ، خَارِجَ الرَّسْمِ ، هَمُّهُ
يُعيْدُ وُرَيْقَاتِ الْمَسَرَّةِ لِلْكَرْمِ

فَكَيْفَ تَنَامُ الآنَ ، وَاللَّيْلُ بَائِسٌ ،
وَدُميَتُكَ الخَرْسَاءُ تَدْعُو إِلى الهَمِّ ؟

أَتَذْكُرُ ، كَانَ التِّيْنُ أَخْضَرَ صَيْفِنَا
وَكُنْتَ تَخَافُ الذِّئْبَ في قِصَصِ النَّوْمِ

وكَمْ عَادَ حَطَّابٌ إِلى البَيْتِ مُسْرِعًا
لِيمْلأَ بطنِ الذِّئْبِ مِنْ حَجَرِ الذَّمِّ

وكَمْ جَلَسَ الفَلاحُ في ظِلِّ زَرْعِهِ
لِيُبْعِدَ حَرَّ الشَّمْسِ عَنْ مُدُنٍ تَهْمِي

وَكَمْ زَارَ سِرْبُ البَطِّ قَصْرًا مُزَخْرَفًا
وَلَكِنَّهُ في الدَّرْبِ نُثِّرَ بِاللُّغْمِ !

وَكَمْ ضَاعَ فِي حَفْلٍ حِذَاءُ أَمِيْرَةٍ
وَفَتَّشَ حُرَّاسُ الأَمِيْرِ عَنِ الحَجْمِ!

سَتَنْزَحُ عَنْ أَرْضٍ ، وتَحْزَنُ نَخْلَةً
وتُطْرَدُ مِنْ فَرْطِ التَّشَابُهِ بِالإِسْمِ !

ويحتَفِلُ الغَرْقَى بِقَاعِ سَفِيْنَةٍ
وَتَرْجِعُ طِفْلاً فِي الْمَغِيْبِ إِلى الرَّسْمِ

لِيفَتَحَ ذاكَ الأَفْقُ ضَوْءًا إِلى الْمَدَى
كما يفتَحُ التَّصْبِيْحُ بَابًا إِلى الْيَوْمِ

فَنمْ يا صَغِيرِي، اللهُ يَحْفَظُ تَمْرَنَا
مِنَ العَطَشِ السَّهْرَانِ، في شَجَرِ الحُلْمِ !

شاهد أيضاً

بيروت تُسَرِّحُ حزنها … قصيدة للشاعر محمد عبدالله البريكي

ماذا هناكَ الآنَ؟ يسألُ كاسَهُ ويشدُّ عن غبَشِ السُّؤالِ نعاسَهُ ويقولُ: يا بيروتُ، طاولةُ الهوى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *