الثلاثاء, 23 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / محمود حسن: لم يكن شعر ما قبل الإسلام جاهلياً أبدا

محمود حسن: لم يكن شعر ما قبل الإسلام جاهلياً أبدا

الشعر العربي لم يتوقف أبدا عن تطوير نفسه

تعدد الأجناس الأدبية, ربما يكون هو الشيء الأهم في الإبقاء على اللغة وتناميها

الشعر لابد أن يحمل جينات الشاعر الوراثية

يعتبر الشاعر المصري محمود حسن أن  الشعر العربي لم يتوقف أبدا عن تطوير نفسه؛ وموضوعاته؛ ومعالجاته؛ وأغراضه؛ بل ولم ينقطع عن معالجة الهم الإنساني، عبورا  من الخاص للعام ومن العالم للخاص. وأن الشعر ماقبل الإسلام لم يكن جاهلياً أبدا, وشرح وجهة نظره عبر دراسة خص بها الوكالة تحت عنوان “الانعتاقُ من لذة اللغة” معولا على شعراء الجيل الحالي في استمرار عودة الشعر للناس وعودة الناس للشعر ؛ بعد  انتكاسة كبيرة تجاوزت ثلاثين عاما :

“كثيرون من محبي اللغة العربية ومجيديها وأصحاب النبرة العالية في الحديث بها حَجَّموا الإبداع في الفخيم منها، وربطوا ذلك بضرورة التقوقع في القالب اللغوي تارة، وفي القالب الموسيقي تارة أخرى، ورفضوا حتى مجرد التفكير في الخروج خارج حدود هذه الغرفة، حتى وإن كان الظرف الأدبي أو الحياتي غير محتاج لهذه الفخامة وهذا الجرس،  فانغلقوا على أنفسهم وأغلقوا أبوابا عدة كان من اليسير أن يَلِجُوها ، فاتحين بها آفاقا ومنعطفاتٍ وعصفا في سبيل خدمة الفكرة  ، وكان محصلة ذلك أنهم أضرَّوا وأضيروا .

وكثيرون أيضا هم الذين لم ينفتحوا على اللغة الفخمة، فتبسطوا حد الخلل ، وراحوا يبنون إبداعهم بشيء من يسير اللغة ومحدودية الإتقان، وانتفاء الجرس والموسيقي،  أو حتى مجرد الإيقاع الداخلي والخارجي، والتبسط ربما عن عدم قدرة معرفية أو ربما عن عداء ( نعم عداء ) للغة وهم كُثْر ، فقدموا إبداعا أو كتاباتٍ هشَّةً وهؤلاء غالبا ما وقعوا في التكرار الهش ، كما وقع أصحاب الفريق الأول في التكرار الفخيم ، وكلاهما أضرَّ وأضير .

أما الذين تعاملوا مع اللغة على أنها الأداة، والبوصلة، والدَّفةُ، وقصَّاص الأثر، وعجلة القيادة ، التي يصلون به إلى الهدف الأخير، وعلموا أيضا أن الإطار ( الكاوتشوك ) ليس هو الذي يحمل السيارة بل الهواء الذي يملأ هذا الإطار,

هؤلاء استطاعوا أن يمتطوا فرس اللغة إلى حيث الهدف مباشرة ، فكانوا أسرع وصولا، وأصدق عاطفة، وأعظم احتكاكا وتوهجا، ولمَّسوا مع الواقع المعاش والإنساني  الآني دون أن ينفصل المتلقّي عنهم، ودون أن ينفصلوا هم عن المتلقّي، بل واستطاعوا أن يخلقوا كيمياءَ متجانسةً بينهم وبين المجتمع وقضاياه، فتفردوا، وتجاوزوا، وأصلوا، وقادوا، وصارت لهم وبهم مدارس جديدة، بل ومفرداتٌ تُصكُّ باسمهم،

وتعدد الأجناس الأدبية, ربما يكون هو الشيء الأهم في الإبقاء على اللغة ، وتناميها،  وتحديث ال software الخاص بها ” إن جاز التعبير “

ومحاولة المبدعين السفر على ومن خلال اللغة، لعوالم أخرى رحبة، تخدم الذوق  وتعرِّجُ على الهم الإنساني، هي محاولات محمودة…  بل لا أكون متجاوزا إذا قلت هي فرض عين على كل مبدع .

وحينما كتبنا في مقال سابق ” إن بعضا من الشعراء العموديين ، أو الخليليين ، هم أشد خطرا على القصيدة العربية ؛ من القائلين بموتها ؛ ذلك أنهم تقوقعوا داخلها ؛ فلم يطوروا لغتهم؛ ولا رؤاهم؛ ولم يعصرنوا موضوعاتهم “

كنّا بالطبع نقصد شعراء على غير المدرسة التي يرتادها كثير من شعراء هذا الجيل  ؛ بل وكثير من الشعراء المعاصرين .

ولا يفوتنا أن نؤكد على حقيقة علمية ؛ لا يمكن أن يغفلها التاريخ الأدبي الشعري العربي ؛ وهي أن القصيدة العربية منذ ما قبل الإسلام؛ أو ما اصْطُلِحَ على تسميته ( الشعر الجاهلي ) هذه التسمية الجائرة والظالمة والغير منطقية ؛ حيث لم يكن شعر ما قبل الإسلام جاهلياً أبدا ؛ وإن كان المجتمع آنذاك جاهليا من المنظور العقائدي ؛ نقول إن الشعر العربي لم يتوقف أبدا عن تطوير نفسه ؛ وموضوعاته ؛ ومعالجاته ؛ وأغراضه ؛ بل ولم ينقطع عن معالجة الهم الإنساني  ، عبورا  من الخاص للعام ومن العالم للخاص ، والذين يقولون بأن الشعر العربي انغمس في الأيدولوجيات ، والقومية ؛ والعقائد ، كانوا غير منصفين فيما ذهبوا إليه ” وإن كانت كل الموضوعات السابقة لها أهميتها وإلحاحها ”  ، فَلَو أنهم عرَّجوا على أمرؤ القيس ومرَّوا ب عنترة ، وذهبوا إلى الحُطيئة ، ثم انتقلوا ل أبو نواس ؛ وعمر بن أبي ربيعة ، والعظيمان البحتري ، و أبو تمام ، والفيلسوف أبو العلاء المعري ؛  والمتنبي ، وصولا إلى مدرسة البعث والإحياء ؛ وليسمح لي القارئ أن أضع هنا اسم الراحل اليمنى الكبير البردوني ؛ والعظيم نزار قباني ؛ و المقالح ؛ وناجي ، ومحمود درويش والشابي ؛ ومحمود حسن إسماعيل ؛ وغيرهم ، ” دون ترتيب زمني ” .

أقول لو عرَّجوا على كل هؤلاء ، ونظروا نظرة محلل مدقق ، منصف ، لعرفوا كيف كان الشعر الخليلي  وتوابعه يقفز قفزات متسارعة ومذهلة ،

والموضوع كله يرجع إلى قدرة الشاعر، وإذا اعتبرنا الشعر فقها ، وأن للشعر رخصةً ، فيحق لكل مبدع أن يأتي بالشكل الذى يريده هو ؛ بشرط واحد : وهو أنه إذا استعمل رخصة ؛ التفعيلة فعليه أن ينطلق لمساحات أرحب من القالب الأول ؛ وهو عمود الشعر العربي ، وإذا استخدم رخصة ما يسمى بقصيدة النثر ؛ فعليه أيضا أن يأتي بما هو أوسع وأعمق من التفعيلة وهكذا .

لكن أن يكون الهرب  من القاعدة لعدم تمكنه منها ؛ أو لجهل بها ؛ أو ليُضَمِّنَ الكاتب نفسه في جماعة الشعراء ؛ فهذا هو اللامنطق واللامعقول ، وهذه هي العبثية التي تتراجع بالإبداع العربي كله .

الشعر لابد أن يحمل جينات الشاعر الوراثية ؛ أو بمعنى آخر البصمة الوراثية للشاعر ؛ ولا أكون متجاوزا إذا قلت لو تم تحليل ال  DNA للشاعر والقصيدة ليتطابقا تطابقا تاما ؛ لكن إذا اختلفت النتيجة فسيكون هذا الطفل ابنا غير شرعي للشاعر ،

نحتاج إلى آلية نقدية كبيرة تواكب تطور المجتمع والهم الإنساني والرسالة ؛ في مقابل الإبداع ، وبالتوازي ؛ حتى يواكب الشعر العربي التطورات الهائلة في الحياة وفي الأدب الغربي والشرقي أيضا بل والشمالي والجنوبي ؛ على هذه الخارطة .

نعول على شعراء الجيل الحالي في استمرار عودة الشعر للناس وعودة الناس للشعر ؛ بعد  انتكاسة كبيرة تجاوزت ثلاثين عاما ؛ من التغريب والألغاز ، والتعليب ، وربما الترجمة الحرفية لنصوص غربية ونسْبتها إلى أصحابها ؛ بعد صهرها في أفران ؛ ومحاولة تعبئتها في أوانٍ عربية .

شاهد أيضاً

انطلاق الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب

تحت شعار “الكتابة والزمن” انطلقت الأربعاء بمدينة وجدة المغربية فعاليات الدورة الرابعة من المعرض المغاربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *