استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب، في دورته السابعة والثلاثين، مساء الخميس، معالي راشد عبد الله النعيمي وزير الخارجية الإماراتية السابق، ومعالي زكي أنور نسيبة وزير دولة، في ندوة حملت عنوان “عام زايد”، للحديث عن مآثر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستعراض أبرز المنجزات التي قام بها خلال المسيرة الحضارية والتاريخية التي رسّخها، والإضاءة على حضوره كرمز وطني في دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم العربي.
وحضر الندوة التي أدارها الباحث والكاتب الدكتور ماجد بو شليبي أمين عام المنتدى الإسلامي بالشارقة، سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، ومعالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد، وسعادة عبد الله سلطان العويس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، والكاتب والأديب الإماراتي عبد الغفار حسين.
راشد النعيمي: زايد أسس بنية تحتية عمادها التعليم والثقافة والاستثمار بالإنسان
واستهل معالي راشد عبد الله النعيمي، الذي شغل منصب وزير الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة السابق، الندوة بالحديث عن بدايات الدولة وقيام الاتحاد، ومشروع البناء الذي وضع أساساته المغفور له، حيث أكد أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان لديه رؤية أساسية تكمن في الاستثمار بالإنسان من خلال تأسيس بنية تحتية عمادها التعليم والثقافة.
وتابع معالي راشد عبد الله النعيمي، أنه المغفور له بإذن الله كان من أشد المعجبين بالكتاب، وأنه آمن بأن تطوير المجتمع والارتقاء به يبدأ من الحرف والعلم والثقافة، وأن المغفور له بإذن الله كان يحرص في بدايات تأسيس الدولة على المتابعة الشخصية والمتواصلة لشؤون التعليم والمعرفة، وخلال أحد زيارته الدورية ذلك الوقت إلى إحدى مدارس الدولة وجد أن الطلبة هناك يعانون بعض المشاكل، وعندما بادر بالسؤال أجابوه أنهم يعانون من صعوبات العيش ومنازلهم بعيدة ليس بالسهل الوصول إلى المدرسة، فوجّه طيب الله ثراه مباشرة بتوفير مساكن ملائمة للطلبة، وأمر بإقامة مدارس في مختلف التجمعات السكنية، ثم تحولت المجمعات إلى مدن، وسرعان ما ارتقت وامتلكت مقومات كبرى.
وعلى صعيد العلاقات الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة والدور المحوري الذي لعبه الشيخ زايد، أعلن معالي راشد النعيمي، أن تحديات كثيرة صادفت بدايات تلك الفترة، وأن الأمر لم يكن سهلاً، واشر إلى الحاجة إلى تأسيس علاقات خارجية للتواصل مع العالم والسفارات، وفِي ذلك الوقت كان الكثير لا يعلمون شيئاً عن الإمارات أو أبوظبي، ناهيك عن شحّ الأموال في ستينيات القرن الماضي، وأن كل الظروف لم تثني المغفور له عن شدّ العزيمة والدعم بكل ما اوتي من حنكة وشخصية قيادية، لتصل الإمارات إلى ما وصلت اليه من مكانة عالمية في فترة تعتبر قياسية جداً مقارنة بمكانتها وعمرها، وأن الشيخ زايد تمتع بموهبة المعرفة والمرونة، وكان يجيد مدّ علاقات الصداقة والشراكة مع جميع الرؤساء والقادة من مختلف دول العالم.
وأشار معالي النعيمي إلى أن جهود المغفور له بإذن الله كانت واضحة في جميع المواقف والأزمات التي مرّت بها المنطقة والعالم، مؤكداً أن مواقفه كانت على الدوام داعمة للقضية الفلسطينية، يقف مع الحق ويعارض الباطل، إلى جانب المواقف التي سطّرها خارجياً آسيوياً وأوروبياً والتي باتت تشكّل الآن قاعدة متكاملة لعلاقات الدولة الخارجية مع العالم بأسره.
زكي أنور نسيبة: عام زايد ليس لتخليد ذكرى القائد وحسب بل لاستشراف المستقبل
من جانبه، أكد معالي زكي أنور نسيبة وزير دولة، الذي شغل منصب المترجم الشخصي للمغفور له، أن شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان استثنائية وحفرت في وجدان الشعب الإماراتي والعربي أسمى العِبر والمواقف التي لا تُنسى، لافتاً إلى أن تخصيص عام زايد ليس لتخليد ذكرى القائد الباني وحسب، بل لتتعلم الأجيال من مآثره، وتذكره، واستشراف المستقبل من خلال ما تركه من حكمة ومواقف خالدة.
وأوضح معالي زكي أنور نسيبة، أن القضية التي كانت تدور في بال المغفور له بإذن الله لا تنحصر في النفط والمال، لقد كانت رؤيته سرّ نهضة دولة الإمارات العربية، كونه آمن بقيام الاتحاد باعتباره المنطلق الأساسي لبناء دولة قوية عمادها العلم والمعرفة والثقافة وثروتها الحقيقية الإنسان، وها نحن اليوم نتواجد في إمارة باتت مدينة للكتاب، وحاضنة للثقافة والمثقفين، في حدث يعكس النهضة الثقافية والحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا هو استشراف المستقبل الذي كان يراه المغفور له منذ اللحظة الأولى.
وأضاف معاليه، أن أبواب المغفور له كانت مفتوحة للجميع وأنه أمر مسؤول التشريفات الخاص بأن يستقبل كلّ من يريد زيارته وفي أي وقت في حال تواجده سيراه ويقابله ويستمع له وإن لم يكن متواجداً يقابله من ينوب عنه، لقد كانت يده ممدودة للجميع، بالرأي، والحكمة، والمشورة، والدعم المادي، وكان يكره العنف، وتذكر في إحدى اللقاءات التي جمعته مع أحد الزعماء طُلب من المغفور له دعماً مالياً لشراء أسلحة لتزويد المقاتلين في أحد مناطق النزاعات، ردّ الشيخ زايد قائلاً بأن الإمارات ستساهم بشراء الأدوية والطعام ويخصص الأموال للمساعدات الإنسانية وليس من أجل السلاح.
وأشار معالي زكي أنور نسيبة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة وبفضل رؤية المغفور له التي استشرفت الغد وجدت بأن الاستثمار بالإنسان وثقافته ومعارفه هي منطلق التقدم، وأضاف نشهد اليوم واقعاً ينعم بنهضة مجتمعية وثقافية ومعرفية كبيرة، إذ أن نسخ صحيفة الاتحاد، وأبو ظبي نيوز التي كانت تصدر بالإنجليزية، تأتينا مطبوعة من لبنان، فلم يكن بالإمكان طباعتها في الدولة لكن الآن لدينا مؤسسات إعلامية مرموقة لها شأنها وقيمتها، ناهيك عن المؤسسات الثقافية والمجتمعية وغيرها، ما يشير إلى واقع مزدهر تعيشه الدولة بنته سواعد أبناء مخلصين آمنوا برؤية ملهمة لقائد استثنائيّ.