الثلاثاء, 16 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / مريد البرغوثي: أدفئ رضوى من البرد

مريد البرغوثي: أدفئ رضوى من البرد

استهل الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي حفل إشهار ديوانه “استيقظ كي تحلم” في العاصمة الأردنية عمان،مؤخراً، بقصيدته “خلود صغير”، مستحضرا رفيقة دربه المبدعة الراحلة رضوى عاشور، ومعلنا انشغاله بها لتظل حية، وليدفئها من البرد.

تقول القصيدة:
“مُفرداً، شاهقاً، شرفتي غيمة دللتها السماء،
أطل على شاطئ جنة،
قال أخضرها كل أقواله هامسا، هادرا
فستقي الذوائب، يوشك يلمع،
أخضر يرضع، يحبو،
يكاد يشيب إلى المشمشي المضيء،
ويدخل في الصدئي الموشى كما قشر رمانة أوغلت في النضوج
وأخضر فيه الدخاني، يهرب من زرقة خالطته
خلف أزرار هذا القميص الخفيف، أواصل أشغال من ظل حيا: أدفئ رضوى من البرد”.

وأضاء البرغوثي المكان بصوته الدافئ، وهو يطوف على بساتين المفردات، وانتقل بقصائده وحكاياته بين رام الله والقاهرة وبيروت وإيطاليا، بنبرة خافتة ولغة دقيقة تتجنب الشاعرية الجاهزة والمتوقعة، ملقيا ثلة من قصائد ديوانه الجديد وسط حضور نوعي في احتفالية منتدى “عبد الحميد شومان” الثقافي .

ويتضمن ديوانه الصادر مؤخرا عن دار “رياض الريس” للكتب والنشر في بيروت، مجموعة قصائد كتبها بين عامي 2005 و2018. وتحدث عن سياق الديوان الشاعر تميم البرغوثي (ابنه)، بمصاحبة العازفين عمر عباد (عود) ورلى البرغوثي (قانون).

وكان البرغوثي قرأ عددا من القصائد المختارة “دون ضجة، مدت يدها، في مديح الأشباح، القبطان، القرية سكتت في العام الأول، سلة الفواكه، طاعة الماء؟ تمر الحياة بنا، فليحضر التاريخ، منطق الكائنات”.

واختتم بقصيدة “موسيقى بلا نحاس” التي تتسم باختزال عالم من الأسرار والتفاصيل، ومنها:

“أعرف أنها لا تجيب لكني، بين غارتين
سألت الحرب أسئلة بسيطة:
من أين تأتين بهذه الهمة؟
أتعلمين أنكِ لم تطلبي إجازة
من عملك على أرض البشر
منذ كان البشر؟”.

البرغوثي منذ بداياته الأولى كان مختلفاً، وكان يبحث في المعيش اليومي وفي كلام الناس ومفرداتهم وإيقاعات حياتهم. وعاد من خلال ديوان “استيقظ كي تحلم” إلى حيويته النابضة والثابتة على معايير الجمال المشبعة بأنوار الغزل.

تنقل وعمل في أماكن عديدة (القاهرة وعمان والمجر)، وتزوج الروائية المصرية رضوى عاشور، لكنه نجح بعدما عاد إلى بلدته في نقل نبض الحياة اليومية وعذاب الناس.

يذكر أن البرغوثي صدر له العديد من الدواوين الشعرية منها “الطوفان وإعادة التكوين”، و”فلسطيني في الشمس”، و”نشيد للفقر المسلح”، و”الأرض تنشر أسرارها”، و”قصائد الرصيف”، و”طال الشتات”، و”رنة الإبرة”، و”منطق الكائنات”، و”ليلة مجنونة”، و”الناس في ليلهم”، و”زهر الرمان”. كما صدرت أعماله الشعرية في مجلدات، وفي مجال النثر صدر له “رأيت رام الله”، و”وُلدت هناك، ولدت هنا”.

ووفقا لمصادر اعلامية، فقد وصفت د. غادة خليل الشاعر مريد البرغوثي بأنه “منحاز إلى الجمال ودفق الحياة ورواية المظلوم والكبرياء.. بعيد عن الغموض قريب من الحميم والحار والحقيقي والعفوي.. تقول قصائد مريد أكثر بكثير من لقطاتها ومشاهدها وكلماتها ومفارقاتها.. ثمة لغة خفيّة تترقرق كماء نبع لا يكف عن الجريان تسمعها فيما لم تقله القصائد.. فضاء فلسفي واسع.. إنه وشوشة خفية تحرر وتعتق وتوحد البشر مع كل إرث عظيم”.

وتساءلت “هل سنواجه الزيف ونكتب تاريخا آخر كما فعل المريد؟ هل سنواجه القبح بالجمال والكذب بالحقيقة؟ أم سنحتفي بدخان الحروب ونياشين التاريخ الرسمي المتربع فوق الحطام؟ هل نستيقظ لنحلم فتطول قاماتنا نخيلا طيبا يؤتي أكله كل حين كدرويش ورضوى عاشور، أم ننام وننسى كأننا لم نكن؟”.

ويلخص ديوان البرغوثي سيرة شعرية “لغتها طين الأرض وطزاجة العشب وملامح الناس ومفارقتها زخم الواقع وعمق الرؤية والتجربة، يعلمنا أن البسيط هو البليغ وأن القليل هو الكثير”، بحسب الباحثة غادة.

ويصف الشاعر تميم البرغوثي ديوان والده المُحتفى به، بأنه “محاولة لعقد سلم ما مع البقاء، والتحديق في الحُلم الموجع حتى يكون، والتحديقِ في الكابوس حتى يزول، وهو محاولة للرد على ألمنا، نحن الثلاثة، ونحن جميعاً، وعلى الخروج من ليلنا المنتصف، نحن الثلاثة ونحن جميعاً، وهو دعوة للنفس وللناس، نداء من منتصف الليل، لمن شاء أن يرى ويسمع: أن استيقظ كي تحلم”.

وعن سياق الديوان، قال البرغوثي إن “الشعر أعلى الكلام، ولا يوصف الأعلى بالأدنى، لذا لن أصف الشعر الذي ستسمعونه، ولكن وددت شرح الظروف التي كتب فيها، إذ كاد عنوان ذلك الديوان أن يكون تنبؤاً، فقد دخلت أسرتنا الصغيرة ليلاً طويلاً، فقدت فيه أمي أخاها أولاً، ثم أمها، ثم فقد فيها أبي أمه، ثم غابت رضوى عاشور بعد مرض قاتلته أربع سنوات أصبنا خلالها بالأمل الموجع في الشفاء التام مراراً، ثم فقدنا عمي مجيداً العام الماضي”.

شاهد أيضاً

الشاعر محمد المنصوري للوكالة : لاعيد إلا بلقاء الأحبة

عبر الشاعر محمد المنصوري، عن سعادته بحلول عيد الفطر المبارك . وقال في تصريح لوكالة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *