السبت, 20 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / الحلبي: أتمنى أن أعايدكم في العيد القادم من الشام

الحلبي: أتمنى أن أعايدكم في العيد القادم من الشام

نقول لوكالة أنباء الشعر كل عام وانت بخير كي نطمئن  لزاوية يمكن أن تثقب الظلمات

بكلمات كلها حنين وأمنيات للشام وقصيدة قدم الشاعر والسيناريست السوري تهنئته بالعيد للوكالة وقرائها ومتابعيها بتصريخ خاص قال فيه:

تشرقُ تغربُ ينتصف نهار الشمس وتغطس في الأرجاء نراها ..تقترب وتبعد ثم تعود وتشرق تنتصف وتغرب ونعد الأيام يجيء العيد…إن العيد معاودة الأشياء معاودة الأيام معاودة وداعة أو شغب الوقت.. ومع ذلك لابد نقول لأحبابنا.. كلّ عام وأنتم بخير.. ونقول أيضا لوكالة انباء الشعر على ما تفعله وما ستفعله للشعر.. كل عام وانت بخير كي نطمئن  لزاوية يمكن ان تثقب الظلمات ونشعر أن الشعر الى خير….أتمنى  العام القادم أني في الوطن اكون واعود اليكم معايدا.. ومن الشام اكاتبكم  في العيد وارجع واكرر ما قلت وابتسم كما افعل  الان.. كل عيد وانتم بخير

وعايدنا بقصيدة بعنوان:

على بابِ  هذا الطنين

جاء أبي من يوم ٍلا يأتينا فيه…

فهو الأوحدُ في خمس بناتٍ لا أعرفُ منهنّ سوى تلك المتضمخة بليل ٍوأنين

وثانية مازال العشقُ يسوقُ حبالَ أصابعها

لمشانق جَدّي..

والثالثة انتظرت

حتى صار لديَّ صبياً وصبياً مع بنتٍ ،أجملِ أزهار الله…

وأحبّوها ثمَّ توارتْ ..

.وتوارتْ معها كلّ بقايا إخوتها من بعد أبي..

ذاكَ الأوحدُ فيهنَّ…

الأجملُ حتى لو قلت ربيعاً قلت قليلاً

جاء ليسألَ

مافي صحني في “الكتبيةِ” تلكَ

أباركُه كلّ صباح ٍ

وأودِّع أجفانَ الخزفِ الناعسة ِعلى خديّه وأمضي للمدرسة..

وما أن أرجع..

حتى ينضافَ إليه نهارا آخر

فيه نجومٌ وزهورُ وعصافيرُ

تغردُ حتى تصرعَ من في الغرفةِ رقتُها

وتحيلَ مساءَ الدار صباحا ونهارَ الغرفةِ مغرب .

شمسُ المغربِ ما أعتقها

قال أبي للجارة أم السوسن.

وصبيا كان الولدُ.. يلاعب وكرَ النملِ على دربِ المدرسة وينسى أن يرجعَ للبيتِ بسطلِ اللبن

وينسى ..أنَّ الليلَ حَبَا..

قد يصبحُ بعد قليل مشتدَّ الزندين ويصرعني

هذا الليلُ الوحشُ …

يقرمشُ شمسي …كان،

وهو الآن يقرمش ذاكرتي

كانَ الاثنينْ

وكانت أمّ صغار ِالوالدِ لا تغسلُ يومَ الاثنين

و لا تشطفُ داراً

لا تقربُ شيئا يُحدثُ جلبة

كانت تطلي بالأصباغ مساءَ الدار

وتلبسُ زينَتها

وتفك أساورَ عن زندِ النجمةِ

مثلَ بريق الؤلؤ كانَ مساءُ يديها

ما أشهاهُ وما أعذبه..

كنتَ رقيقاً

مثلَ جناح فراشة صبح ٍأصبحُ حين

تدورُ على جفنيَّ أمومتُها في الفجر.

فزعتُ قليلا !!

قال أبي: ماتلكَ بذاكَ الصحنِ المرفوعِ الحاجب ِقربَ الكتبِ هناك؟؟؟

انتصبت أمي ..

مثلَ غزالٍ شاهد صياداً يقربُ من طفلِ ربيع أنوثتها

سَنَّتْ قرنين ودودين من العاجِ على فرجةِ شفتيها

وأحاطت بالنار أصابعَها ودنَتْ من صحني في “الكتبية”

كان يزغردُ فيه صغيرُ هوىً..

وتراقصَ في اللحظةِ ضوءُ شراعٍ

يطوي بالموج مراكبَ أيام ٍ

دوَّنتِ البنتُ عليها نرجسَها ،

يا سوسنُ آنَ لهذا السائلِ مثلَ بهاءِ النور

على أجنحةِ فتاها أن ينسفحَ على العتبة…

يخرجَ من ورقاتٍ مطويات ٍبيمينِ العاشقة البكر

 وقد صبَّ الينبوعُ عليها ماء خلودٍ شفاف أبيض بالحبر وبالصلوات

هذا ما في الصحن…

كلامٌ من ورقٍ في ورقٍ لا يُنبت عشبا للجيّرة

أو يغرس في طين العمر رغيف بقاء

وأنا مثل السكين

وقد وضع الكفّ على مقبض روحي بيدٍ حانيةٍ ووديعة.

ومضت تقطعً بالنصلِ الناهدِ من قلبي كلّ حروفِ هواها

 ذاك النابتُ في بستان الخزفِ زهورَ طفولة..

هذا ما في الصحن من الكلماتِ…لسوسنْ.

قال أبي:

لكأن بها ريحُ بنفسج…

لكأن لهذي الأرواحِ المتطايرةِ على حدِّ السكينِ صلاهْ،

لكأن لها غزلٌ وعيونٌ وحفيفُ شفاه،

لكأن بها نفسٌ من رحمه،

أو قبسٌ من سرِّ إله،

صمتَ الخزفُ وناولتِ الأمُّ الأوراقَ

وعاد الوالدُ للبيتِ الثاني،

قال لأم السوسن:

هذا مافي الصحن من الكلمات،

أكلت حصتها وضيافتها ثم ابتسمت .

***

في اليوم التالي جاءت واحدةٌ من أزهارِ الحارةِ

جارةُ قلبِ صديقي ،

كانت تدرسُ في الغرفةِ قربي

تغرُزُ خدَ الوردةِ بالدبوس

وتزرعُه في جِيدِ الشبّاك..

تقول سأنجحُ وأغردُ مثل صغار النحلِ كقبّرةٍ،

وأحبُّ صديقك هذا ملءُ جفوني وجنوني

وليأخذُ ربُّ الرحمةِ روحي لو أصغيتُ لغيرِ هواه.

كنتُ أدندن في أذنيها أغنيتي تلك

ويصغي في شغفٍ لرفيف فؤادي أحدُ الحسادُ ويرسلُ بالمسطرةِ أشعةَ عابثْ،

يتسكعُ قرب البستان

ليلحظ ظلَّ هواي وقد مالت عن جفن يديه الشمس

يريد ملامسة الضوء المحمّر الخدين من الخجل النابض في عنق طفولة كلماتي..

ويريد ليفري بالحقدِ الأسود خطوَ ضلوعي …كان يسللُ ضوءً من غبشٍ في عين الغرفةِ بالمرآةِ من البستانِ إلى لوحِ الثلج الواقفِ فوقَ الخشبِ البنيّ على النافذة

يزمجرُ كان الضوءُ من الحزنِ هناك

تقول سناء:هذا “الأزعرُ” مازال يرابطُ في البستان ..

يريد لو أنك متَّ ولم تهمس في أذنِ القمر الساهِر ليلتهِا أوقلبَ فتاتك تلك الكلمات..

ويحلمُ لو أنّ الخزفَ يموتُ جميعا

وتصيرُ البسمةُ في شفتيه لهيبا وسراجاً تسكنه الآه.

قالت:غُضَّ عن السوسن طرفاً..

مالت عبادةُ شمسِكَ تحتَ أنينِ الظلمةِ عنكَ

فلا تقربها لا بالهمس ولا بالحلم…

وليس لعينيك إذا ما احمرَّ الشوقُ بقمرةِ روحهما كُحل لقاء.

– بانت …حتى لا يلمسها الحلم ..سألتُ؟؟؟

– وحتى لا تعرفها …قالت .

فسياطٌ قد زعقت في رقتها تلك الزعقة

آلت بعد الجَلد كقوقعة الحلزون ..ورُبَّ صباحٍ لو  شاهدها الفجرُ

 ورتَّل في أذنيها بعضَ لهاثِ نداه

صارت زهرةَ حزنٍ واهنةٍ …

ونُحولةَ صوتٍ ذبلت فوقَ شقوقِ شفاه …

جَرجَرَ ذاكَ اليومُ الذيلَ ورائي…مرميا بين يدي ضوءين تبادلت الزرقة وقتهما ..

ودنوتُ لأعصرَ ما في الخزفِ من الماءِ النابتِ في بريَّةِ روحي

وطرقتُ على بابِ أبي بالجمرةِ تلكَ الواقفةِ قديما

مثل السارية ترفرفُ فوقَ رخامِ الصمت

ناءَ الليلُ بها ..وبنى غرفته فيها الموت.

لم يُفتح حتى الساعةَ بابُ البيت…

وأنا مازلتُ أداهنُه بالوعدِ وبالرحمةِ

بالكلماتِ المتروكاتِ قديماً فوقَ سنونواتِ التختْ.

يا بابُ لعلكَ تعرفُ خطوَ عيوني حولَ حوافِ نهودِك …تذكرني …تذكر هذا الصوت.

لا البابُ أدارَ المزلاجَ لأعرجَ من حزني …

والوالدُ قد أغمضَ روحاً من زهر ِالنارنج

على جرحي..

ورأيتُ بأنْ رانَ القلبُ ورانَ الصمتْ.

ورأيتُ كما لو حلماً مضفوراً بلهاثِ الوردةِ

وهي تطاردُ خلفَ النحلةِ

تنفحُها برحيقٍ منحوتٍ مثلي

لحظةِ ذاكرةٍ فرَّت لحياةِ الأبدية

تزعقُ بالروحِ ليهربَ من مرآةِ بيادرِها سجَّانُ الموتْ،

ثم رأيتُ صباحَكِ عرجوناً عتَّقهُ القمرُ المتدحرجُ من نصلِ اللحظة

يجرحُها برداءٍ مغبرِّ الأكتافِ نهارٌ طاولهُ الفوت .

ليس سريراً ذاك لأغفو بين أرائِكِهِ

مخفوراً من قدري

لكني بينَ يدي خزفِ الكلماتِ على آمالي

مذ ذاك الحزن غفوت.

_____________________

* الكتبية: هو ذاك المكان الذي يصنع في جدار الغرفة وقت بنائها من أجل وضع الكتب، وهو عادة أصيلة في الأبنية الشامية.

*:الأزعر:مفردة عامية يتداولها أهل بلاد الشام بمعنى “المارق”

شاهد أيضاً

انطلاق المهرجان الدولي للشعر المرئي بأثينا.. اليوم

تُشارك الشاعرة المصرية سالي روحي في الدورة ال 11 للمهرجان الدولي للشعر المرئي، والذي سيقام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *