الجمعة, 19 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / “مُكابَداتٌ في مقام القصيدة”.. تمنح السنغالي محمد جوب صدّارة فرسان الأمسية التاسعة

“مُكابَداتٌ في مقام القصيدة”.. تمنح السنغالي محمد جوب صدّارة فرسان الأمسية التاسعة

حصل الشاعر السنغالي محمد الأمين جوب، على أعلى درجات لجنة تحكيم مسابقة أمير الشعراء المكونة من الدكتور علي بن تميم والدكتور صلاح فضل  والدكتور عبد الملك مرتاض، وذلك بمنحه 27 درجة من 30 درجة في الحلقة قبل الأخيرة من المسابقة، الثلاثاء الماضي، وذلك من خلال قصيدة مميزة حملت عنوان (مُكابَداتٌ في مقام القصيدة)، قال فيها محمد جوب :

ليلٌ عَلَى كتفِ النَّهارِ سَيَصْعدُ

وَسَلالمٌ تهْمِي لِيَشْتعِلَ الغَدُ

لَيْلٌ مَجَازِيُّ المَلاَمِحِ

يَرْتَدِي عَطَشاً

لأنّ الأَبْجَدِيَّةَ تُرْعِدُ

سَكَبَ “الفَراهِيدِيُّ” خَمْرَ بُحُورِهِ لِنَظَلَّ فِي عُمْقِ الجَمالِ نُعَرْبِدُ

ضاق الزمانُ عليكَ

قال بما أرى:

أهلُ الهوى جمعٌ

وأنتَ المفردُ

وهُنَاكَ تحْسِبُنِي الّلغاتُ مَسِيحُها

وَتظَلُّ تصْلبُنِي رُؤى وتُجَدِّدُ

حَدَّقتُ مِلءَ الحَرْف

حيثُ خواطري تُزْجِي

بِما لم يَكتشِفْهُ الهدهدُ

أرجوكَ يَا رَبِّي

عَدَوْتُ لِمَوْعِدٍ

قَدَمِي تَخِفُّ

مَتَى يخِفُّ المَوْعِدُ

وقد أجمعت لجنة التحكيم، على تميز وقوة القصيدة، حيث تحدث د. علي بن تميم عن شعرية جوب التي تشبه الوعل الأفريقي. ثم بدأ من عنوان النص
(مكابدات في مقام القصيدة) الذي أشعره بأنه أمام منظور صوفي ينطلق من منظور المقام، وهو مرتبة من المراتب التي يصل إليها المريد في
مدارج السالكين، وبهذا المعنى فإن القصيدة ترسم الأحوال التي يعيشها الشاعر، ولتجمع بينها وبين المقامات.

أما بالنسبة للمكابدات فهي برأي د. علي تحمّل المشاق، والشاعر (عشرون عاماً) وهو يبحث عن ذاته، وقد وجد تلك العربدة جميلة منذ أن جمع
الفراهيدي بحور الشعر إلى أن أطْلَقَنا لنعربد في البحر المليء بالسُّكْر. ولهذا فإن القصيدة تتولّد في فضاء اللغة المملوء بالمجاز وتحاول الكشف
والوصول، مع أنه لا يوجد وصول أبداً بالرغم من المحاولات المتكررة. وأضاف د. علي بأن النص الشعري يولد في خضم تلك المعاناة كما ورد في
البيت الخامس (وهُنَاكَ تحْسِبُنِي الّلغاتُ مَسِيحُها/وَتظَلُّ تصْلبُنِي رُؤى وتُجَدِّدُ). وعليه فإن الشعر على هذا النحو هو محاولة لاكتشاف الذات لكن دون
جدوى، وهو مباغتة، وهوية مهشمة لا نستطيع بلوغها.

ووجد د. بن تميم أن البيت الأخير من نص جوب: (أَ”مُحَمَّدٌ” هَذَا تَطَفُّلُ عَاشِقٍ/عُذر اً:/لأنكَ مَن “يَحِلُّ وَيَعْقِدُ) يتناص مع بيت الشيخ محمد بن راشد في
داليّته حين يقول: (شذراتُ شعرٍ لا يلِّمُ بِوَحْيِها/إلّا أخو بَدعٍ يحلُّ ويعقِدُ).

من جهته قال د. مرتاض إن محمد الأمين جوب تربع على عرش الشعرية الرفيعة في تلك المسابقة الكبيرة، فأخذ بيد الشعرية التقليدية التي
كثيراً ما تجنح لاستنساخ ما قاله الشعراء قديماً، وبصورٍ قلّ أن نعهدها فيها مثل: (لَيْلٌ مَجَازِيُّ المَلاَمِحِ/يَرْتَدِي عَطَشاً/لأنّ الأَبْجَدِيَّةَ تُرْعِدُ). وتمنى
د. مرتاض على الشعرية العربية أن تتجدد وتعدد مصادر تشكيلها، وأن تخرج من التقليد الذي يلازم بعض التشبيهات. ثم ختم بأن جوب أبدع
في نصه، وأمتع، وجوّد، وسحر، وبهر.

فيما شبّه د. صلاح فضل قصيدة جوب بأنها رقصة أفريقية عنيفة وملونة وجميلة، وأن جوب يرقص في شبر واحد، ويصعد على كتف النهار، ويرقص
على السلالم، ويسكب عليه الفراهيدي خمر الإيقاع وعطره، فيسكرنا الشاعر برحيقه. ويضيق الزمان على الشاعر لكن لا يضيق عليه القول،
ويبدع في مساحة صغيرة، ويحيي اللغات وشعريّتها مثلما كان المسيح يحيي الموتى. كما يجيد الشاعر تحريك أوضاع الكلام، مثلما تجيد الراقصة
سياسة جسدها, وانتقل الناقد إلى الشاعر حين تضرع إلى الله ليخفّ قدمه كي يكتب أنغامه، ويبرز أن طموحه لا حد له، فيمضي إلى تحقيق ذاته
وأبو الطيب المتنبي إمامه الذي قال (وإذا كانت النُّفوسُ كِباراً/تَعِبَت في مُرادِها الأجسامُ). لينتهي الشاعر بتعرية نفسه وهو يخاطبها في
الأبيات الأخيرة.

شاهد أيضاً

الإمارات : إنطلاق مؤتمر الترجمة الدولي الرابع بمشاركة أكثر من 25 دولة

  بمشاركة باحثون وخبراء من أكثر من 25 دولة انطلقت، اليوم، فعاليات مؤتمر الترجمة الدولي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *