السبت, 20 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / “وَتَرٌ كَوْنِيٌّ”.. القصيدة التي منحت المالي عبد المنعم حسن 26 درجة

“وَتَرٌ كَوْنِيٌّ”.. القصيدة التي منحت المالي عبد المنعم حسن 26 درجة

حصل الشاعر المالي عبد المنعم حسن، على ثاني أعلى درجات لجنة تحكيم مسابقة أمير الشعراء المكونة من الدكتور علي بن تميم والدكتور صلاح فضل والدكتور عبد الملك مرتاض، وذلك بمنحه 26 درجة من 30 في الحلقة قبل الأخيرة من المسابقة، الثلاثاء الماضي، وذلك من خلال قصيدة مميزة حملت عنوان (وَتَرٌ كَوْنِيٌّ )، قال فيها عبد المنعم حسن :

في البَدءِ.. لم تكنْ الغصونُ تُغرِّدُ

والفَجْرُ في أفقِ العَمَاءِ مُمدَّدُ

جاؤوا فمَا رَفَّ السحابُ، ولا رَنَا

لِحدائِهم في الخافقَيْن الفَرقَدُ

قَصدُوا نَووْا حَرَثُوا سَقوا غَرَسُوا جَنَوْا

وإلى سُيولِ رؤايَ ما امتدَّتْ يدُ

وصَريرُ ألواحِ المشيئةِ في دمي

يأتي صدَاهُ بما يواريهِ الغدُ

هذا مِداد الكشفِ يرقُمُ آيةً

للرّوحِ، فالكلماتُ ليست تَنْفدُ

قَبَس من النَّبأ العظيمِ بِسِرِّه

قد جاءَ مِنْ سَبأ المعاني هُدْهُدُ

لمّا أصَخْتُ لتَمْتَماتِ العشبِ في

نَارِ القصيدةِ حن فيَّ الجلمدُ

إلى الشطر الذي قال فيه الشاعر: (قَصدُوا نَووْا حَرَثُوا سَقوا غَرَسُوا جَنَوْا)، فقد اجمعت لجنة التحكيم على قوة القصيدة وتميزها، حيث أشار د. مرتاض، فأنشده بصوته إنشاداً. ثم دعا الجمهور إلى سماع اللغة الشعرية في ذاك الشطر، وهي التي تتغنى بنفسها، وتفتتن بضفائرها، وتتباهى بأصواتها، فتستحيل من مجرد أصوات – يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم برأي ابن جنّي – إلى ملحمةٍ من الأنغام العِذاب تطرب وتعجب.

كما أشاد د. مرتاض بالبيت (في الغيمِ مِحبرتانِ أغْمِسُ فيهما/بَرْقاً، فَتَنْتَفِضُ الحروفُ وتُرعَدُ)، ووصف الصورة الفنية التي وردت فيه بالسحر. وقال للشاعر: لو كنت أعرف رَئِيَّكَ – أي شيطانك – لكنت قد كتّفته وجئت به ليمثل في شاطئ الراحة فيبصره الحضور، ويروا كيف ينفث الشعر في مخيلة الشاعر فيجعله سحراً كُبَّارا. ولله ما ألهم وما أعطى وما أنعم وما حبا، ولك الويلات يا حسن ما أشعرك، فقد سحرتني وأسرتني وبهرتني.

أما د. صلاح فضل فتابع شرح المجاراة، ليؤكد أن الشاعر عندما يرى وجهه في النص الأول، وعلى المتلقي أن يتبين وجه الشاعر من خلال أسلوبه، حيث لكل شاعر أسلوب. وفي القصيدة التي ألقاها عبدالمنعم تجلت ذاته بأوضح أشكالها، فبدأ بكلمة (في البدء)، وهي كلمة مقدسة، تعتبر أم البدايات، خاصة وأنها وردت في الإنجيل، وقبله وردت في كتاب الموتى أو الخروج الفرعوني.

وأكد د. فضل أن إحساس الشاعر بغيره من الشعراء كان قوياً وعظيماً، وهو ما يؤكد أن الشاعر غير أنانيّ ولا نرجسي. شارحاً أن الشاعر ركزّ على وظائف الشعر في بيت بديع تمثل في: (قَصدُوا نَووْا حَرَثُوا سَقوا غَرَسُوا جَنَوْا/وإلى سُيولِ رؤايَ ما امتدَّتْ يدُ). ثم عكف الشاعر على نفسه ليشرح سعيه وهو ينصت لتمتمات العشب في نار القصيدة، غير أنه اكتفى بوصف أسلوبه بما هو عادي ومألوف ليقول إنه حين ينشد يرى العين ويسمع سامع كما جاء في البيت (شجوُ الأغاني – غيرَ جَرْسي – أن ترى/عينٌ، ويسمعُ سامعٌ إذ أنشدُ). ومع ذلك فإن عبدالمنعم مواطن متميز في قبيلة الشعراء.

فيما أوضح د. علي بن تميم أن عبدالمنعم أراد أن يتحدث في نصه عن نشأة الشعر، وهو ما طرحه الشيخ محمد بن راشد في قصيدته. فمن أين يأتي الشعر ولمن ينسب؟ هل يـأتي من الشمس؟ هل ينسب إلى أنسي؟ وهل ينسب إلى ذكر أم إلى أنثى؟ وتلك هي الهوية التي حاول الشيخ محمد بن راشد البحث عنها حينما أراد تحديد الهوية الشعرية، فقطع الحبل السري الرابط بين المؤلف والقصيدة حتى يمنعنا من التقليد.

وأضاف أن عبدالمنعم وبشعرية جميلة يرى أن القصيدة تعود إلى زمن الأقاصي البعيدة الخالي من الشعر، وتساءل د. بن تميم كيف يمكننا أن نتصور أن هناك زمناً خالياً من الشعر؟ مستعيداً البيت الأول من قصيدة الشاعر (في البَدءِ.. لم تكنْ الغصونُ تُغرِّدُ/والفَجْرُ في أفقِ العَمَاءِ مُمدَّدُ). ووجد الناقد أن القصيدة في بيتها الثالث (قَصدُوا نَووْا حَرَثُوا سَقوا غَرَسُوا جَنَوْا/وإلى سُيولِ رؤايَ ما امتدَّتْ يدُ) تعبّر عن الفعل الإنساني الذي ظل بعيداً عن حقل الشعر، وهو ما قصده الشاعر، لينبجس الشعر فجأة نتيجة إلهامٍ وكشفٍ لعلاقة خفية مع مظاهر الطبيعة والحياة، وهذا مثل الجنون حسب وصف د. بن تميم. فالشعر لحظة كشفٍ للتجربة الفردية الخالصة التي اعتز بها الشيخ محمد بن راشد في قصيدته، كي لا نقع في سجن الأسلاف والماضي. ولهذا على الشاعر أن ينعتق ويعتز بذاته عندما يكتب الشعر.

وأوضح د. علي الإشارة الخفيّة والمضمرة للشعراء الآخرين في نص عبدالنعم، وذلك عبر البيت الأخير الذي يلمّح إلى بيت المتنبي (جُهْدُ الصّبابَةِ أنْ تكونَ كما أُرَى/عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وقَلْبٌ يَخْفِقُ). في حين وجد الناقد في البيت الأخير من نص عبدالمنعم (إلّا الّذي أخذَ السّنا وأراقَهُ/في شعرِه فبدا يغارُ العَسْجَدُ) تناصاً واضحاً مع البيت الأخير من دالية محمد بن راشد (فأخذتُ من شَمْسِ النَّهار إياتَها/وسبكتُه فبدا يغارُ العَسْجَدُ).

شاهد أيضاً

انطلاق المهرجان الدولي للشعر المرئي بأثينا.. اليوم

تُشارك الشاعرة المصرية سالي روحي في الدورة ال 11 للمهرجان الدولي للشعر المرئي، والذي سيقام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *