الخميس, 18 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / زين العابدين: التسجيل في قائمة التراث العالمي مهما كانت قيمته ليس هدفا نهائيا

زين العابدين: التسجيل في قائمة التراث العالمي مهما كانت قيمته ليس هدفا نهائيا

بعد تسجيل مائدة يوغرطة سوف ننتقل إلى شطّ الجريد

بمناسبة ترشيح مائدة يوغرطة للتسجيل بلائحة التراث العالمي لليونسكو ألقى محمد زين العابدين وزيـــر الشؤون الثقافية كلمة بحضور السيدة وزيرة السياحة والصناعات التقليدية, والسيدة وزيرة الشباب والرياضة , والسيدة مديرة إدارة الثقافة وحماية التراث في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, وسعادة سفير تونس بمنظمة اليونسكو وممثلي المجتمع المدني وأعضاء اللجنة العلمية والفنية لإعداد ملفّ الترشيح لمائدة يوغرطة .

وقال في الكلمة: إنه لحدث جميل في هذا المكان الساحر من أعالي هذه المائدة التي اخترناها أن تكون مرشّحة للتسجيل على لائحة التراث العالمي لليونسكو.

وأنا على أتمّ الاقتناع أنّ هذا الموقع الطبيعي والتاريخي يمثل قيمة استثنائية ذات بعد عالمي، وهذا ما سيبيّنه الملفّ العلمي الذي يعدّه باقتدار عدد من أبرز كفاءاتنا العلمية في المعهد الوطني للتراث وفي الجامعة التونسية ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية  مع عدد من المؤسسات التونسية المختصّة وفي مقدّمتها الديوان الوطني للمناجم باعتبار الخصائص الجيولوجية المميّزة للموقع وللجهة.

وهذا يعني أوّلا أن قضية تنمية التراث وتثمينه هي قضية مجتمعية مشتركة تتفاعل فيها كافة الطاقات والكفاءات لأنّ التراث بأبعاده المتعدّدة هو في قلب العملية التنموية التي نعمل على دفعها.

فالتسجيل في قائمة التراث العالمي مهما كانت قيمته الرمزية والثقافية ليس هدفا نهائيا في حدّ ذاته وإنما هو أداة تمكّكنا من تحويل التراث إلى رافد أساسي من روافد التنمية الاقتصادية والبشرية في كامل جهات البلاد.

وانطلاقا من هذا الوعي بقيمة الثروة التراثية المادية واللامادية لبلادنا فإننا بصدد وضع خطة وطنية جديدة وها نحن اليوم بصدد تنفيذها.

تستند الخطة الوطنية الجديدة تستند إلى تصوّر يأخذ بنظر الإعتبار قدرة هذا المخزون التراثي الهائل على إنتاج الثروة مع ضمان المحافظة عليه لفائدة الأجيال القادمة والحفاظ على التوازن البيئي والطبيعي للمجال.

وبرنامجنا في هذا المجال انطلاقا من مائدة يوغرطة وخلال الأشهر القليلة القادمة هو للعمل الذي شرعنا فيه بغية تثمين الحزام التراثي الطبيعي والثقافي للمجال التونسي.

وتابع بقوله: بعد تسجيل مائدة يوغرطة سوف ننتقل إلى شطّ الجريد وهو موقع طبيعي وثقافي تأسست من حوله وبفضله حضارة الواحات في بلاد الجريد ثم نواصل المسيرة لتسجيل طريق القصور التي تشمل مساحة شاسعة من المجال التونسي في الجنوب الغربي للبلاد.

ولكن التسجيل في القائمات الاعتبارية لليونسكو سيكون المحطة الأولى للبرنامج التنموي للتراث. فالمحطّات الحاسمة الموالية هي التثمين عبر التهيئة للمسالك السياحية الثقافية وقد وضعنا لذلك اتفاقية تعاون مع وزارة السياحة من أجل التثمين المشترك لهذه المواقع ولغيرها المنتشرة في كل أنحاء البلاد.

والتثمين يمرّ أيضا عبر الصيانة والاستثمار في هذا المخزون لأن الدولة لم تعد هي المستثمر الوحيد في مجال التراث وقد وضعنا الأرضية القانونية والتصوّر والتحفيزات الجبائية حتى ينخرط الفاعلون الاقتصاديون في هذا الميدان ويصبح الباعث الاقتصادي في الثروة التراثية عنصر تنمية وتوازن لمحيطه.

فعديدة هي البلدان التي جعلت من مخزونها الثقافي والتراثي أرضية للنمو الاقتصادي والبشري لا في مجال السياحة فحسب ولكن أيضا في مجال المهارات الحرفية والمشاريع البيئية والفنون على أنواعها. ونحن قادرون على ذلك إذا ما آمن كلّ منا بدوره وبقدراته. فالدولة تبقى هي الضامن الرئيسي للمحافظة على التراث ووضع التشريعات اللّازمة للمحافظة عليه وصيانته وهي تضع أيضا السياسات التنموية في هذا المجال. ولكن التراث يبقى بالأساس قضية المجتمع والنخب العلمية والفكرية والنخب الاقتصادية التي هي مطالبة أيضا بالانخراط الكامل فيه عن طريق الاستثمار وبعث المشاريع وخلق مواطن الشغل. واختيارنا للتمشّي التشاركي في كل خطوة نخطوها دليل على قناعتنا بأن التراث هو موضوع مجتمعي بالأساس.

ننتظر الكثير من المجتمع المدني في هذا المجال، فالوعي بأهمية التراث وحيوية المحافظة عليه وصيانته هي قضيتنا الأولى ومن الطبيعي أن نتشارك من أجل الحفاظ على هذا المحيط الطبيعي المتميز وهذه المشاهد. كما ننتظر الكثير من كفاءاتنا الجامعية ومخابر البحث في كلياتنا ومعاهدنا حتّى تتجه الجهود العلمية نحو المزيد من التشخيص والتعريف بهذه الثروات التراثية المتنوعة ومتعدّدة الأبعاد.

إن ترشيح مائدة يوغرطة، هذا الموقع الطبيعي والتاريخي الاستثنائي سيكون  كسبا لقلعة سنان التي نقترح من الان أن تصنّف كبلدية سياحية في التصنيف البلدي الجديد.

وسوف يكون كسبا لولاية الكاف، التي ترى معالمها ومواقعها التاريخية والثقافية ترتقي إلى مراتب ذات صيت عالمي وقد شرعنا في ذلك منذ أن وضعنا مدينة الكاف ضمن البرنامج الوطني لمدن الحضارات.

وختم زين العابدين: لقد اطلعت على الخصائص الطبيعية وعلى مميّزات هذا الموقع الذي يحمل ذاكرة أحداث تاريخية حملتها الأجيال وإسم يوغرطة وحده مليء بالمعاني الإنسانية السامية. فهنا في بلاد نوميديا بسهولها وهضابها التي تمتدّ على جهتي الحدود مع الشقيقة الجزائر تأسّست الممالك النوميدية والمدن التي سبقت روما.

فقد أصبحت شخصية يوغرطة ترمز إلى المقاومة وإلى الكرامة كقيمة إنسانية أولى لذلك استهدى به زعماء الأمة مثل الزعيم الحبيب بورقيبة، وكُتبت حول سيرته البطولية الروايات منذ ستينات القرن الماضي ونُظّمت حوله الندوات العلمية.

فهنيئا لنا بهذا الحدث الاحتفالي اليوم لأن هذا الموقع يستحق أن نفتخر به ونرتبه في تراثنا الوطني كما في التراث العالمي.

تحيا تونس بلد الحضارات المتعدّدة والمتأصّلة. والسلام عليكم.

شاهد أيضاً

نجم أمير الشعراء محمد عرب صالح للوكالة : بطاقة معايدة إلى كل حزين على هذا الكوكب

أوضح  نجم أمير الشعراء،الشاعر محمد عرب صالح، بأن العيد يمثل لحظة جمعية للفرح والتبهج في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *