الثلاثاء, 16 أبريل, 2024
الرئيسية / مهرجانات وفعاليات / “الشارقة للراوي” يشهد ندوة علمية وفعاليات متنوعة في يومه الأول

“الشارقة للراوي” يشهد ندوة علمية وفعاليات متنوعة في يومه الأول

شهد اليوم الأول لملتقى الشارقة الدولي للراوي في نسخته الـ 17 الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، تشكيلة غنية ومتنوعة من الأنشطة والبرامج والفعاليات التي لاقت تفاعلاً حيوياً لافتاً من قبل محبي وعشاق التراث، وتنوعت تلك الأنشطة بين ندوة علمية تناولت الشخصية المكرمة من الكويت، الدكتور يعقوب يوسف الحجي الباحث والخبير في التراث البحري، بالإضافة إلى مقاه ثقافية ومقهى الرواة، وفعاليات في مواقع خارجية.

وتفصيلاً، قال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة المنظمة للنسخة الـ 17 من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، تضيء فعالية الندوة العلمية على الباحث في التراث الثقافي البحري، الدكتور يعقوب يوسف الحجي، الذي اختط لنفسه مساراً متميزاً من مسارات التراث الثقافي العربي، فكان من أوائل الباحثين خوضاً في غمار هذا التراث، ونذر حياته ووقته وعلمه من أجل تدوين الذاكرة الشفاهية لأهل الكويت، وأجرى عشرات المقابلات مع عدد كبير من نساء ورجالات الكويت الذين عاشوا فترة ما قبل النفط.

وأضاف المسلم في الندوة العلمية الأولى التي عقدت في المعهد أمس الإثنين، بعنوان “الدكتور يعقوب يوسف الحجي – الباحث والمحقق”: “لم يكن الدكتور الحجي من أصحاب الكراسي الوثيرة، بل اعتمد في عمله وتوثيقه لعناصر التراث على معطيات العمل الميداني، وسافر إلى كثير من المواقع التي كانت تجوبها السفن الشراعية، فهو الباحث الميداني المتمرس، والخبير العلمي الذي مكنته أدواته البحثية من تدوين وتوثيق ذاكرة شعب أصيل، وأمة بحرية، كان لها إسهام ودور ريادي في الفعاليات الاقتصادية البحرية على مدى قرون في حوض الخليج العربي والمحيط الهندي”.

وقال: “إن المعرفة كتاب وحروف ومدار يرسم الكلمات ليحولها إلى معان مفيدة، سواء كلمات بشكلها التقليدي أو بوصفها نصوصاً افتراضية على أجهزة وبرامج أو تطبيقات ذكية مهيأة للقراءة”.

أكد المسلم: “وفق توجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مضت عمليات النشر في معهد الشارقة للتراث بتسارع محمود جعل كثيراً من المهتمين يتطلعون إلى أهمية وفاعلية منشورات المعهد ومنشورات مركز التراث العربي، كونها ترفد المكتبة العربية والعالمية بما يمثل إضافة نوعية لها”.

جمع وتوثيق التراث الكويتي

تناول الدكتور يعقوب يوسف الحجي، في الندوة بعض ملامح تجربته في مجال البحث العلمي في مجال التراث الثقافي، كما تحدث عن تجربته في التراث البحري، وتطرق إلى حجم وطبيعة المعاناة والمحاذير التي يجب أخذها بعين الاعتبار في عمليات توثيق التاريخ والتراث عموماً، والتراث البحري خصوصاً، ولفت إلى أن التوثيق الصادق والدقيق يحتاج إلى ولع ومحبة، فلكل نجار عدة، والكاتب الذي يعمل على توثيق عدته الفكر واللغة.

وقال الحجي: “أخذت من دراستي للعلوم الدقة، فعندما أقبلت على التوثيق كان الولع موجود، وكذلك كان هو الحال فيما يتعلق بالاستعداد العملي والنفسي والمعنوي للسفر والارتحال، وكان السؤال المحرك لكل ذلك بالنسبة لي هو: كيف عاش أهل الكويت خصوصاً وأهل الخليج عموماً قبل النفط، فقد عشنا قروناً طويلة هنا قبل النفط، ولم يكن لدينا من خيارات سوى الصحراء أو البحر، وهذا تحدي كبير، فخضنا البحر بعد أن صنعنا السفن”.

وتابع: “كنت استمع للرواة وحكاياتهم وقصصهم، والاستماع للرواة يحتاج الصبر والنفس الطويل، وبعد ذلك وثقت ما سمعت ونقلته إلى كتب وإصدارات لتصل إلى القارئ، مع ملاحظة حقيقة مهمة مفادها أن ليس كل ما يروى يوثق، وليس كل ما يعرف يقال”.

واختتم الحجي قائلاً: “لقد كتبت سيرة الشيخ عبد العزيز التي كانت منقوصة، فأكملت بعض ما كان ناقصاً وغير معروف، وأضفت ما يستحق القراءة، فقد كانت حياته حافلة بالعمل والإداء والتأليف والإنتاج. كما تتبع الحجي صناع السفن من رأس الخيمة إلى عدن”.

توثيق شخصيات إصلاحية

من جانبه، تناول الدكتور عايد الجريد، في ورقته يعقوب الحجي وتوثيقه للشخصيات الإصلاحية الكويتية، الذين كانوا يسعون لخدمة أوطانهم، وتطرق إلى العوامل التي ساهمت في تشكيل الوعي التاريخي للدكتور يعقوب الحجي، الذي حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1965، لكنه كان شغوفاً بالتاريخ والتراث والتوثيق، وقد ساهم تخصصه العلمي في أن يكون أكثر دقة في تعامله مع الكتابة والتوثيق.

الرزنامات البحرية

وبدوره، تحدث الباحث في التراث الكويتي صالح المسياح، عن خصائص الرزنامات البحرية الكويتية، فالرزنامة البحرية سجل يومي يقوم به النوخذة “قبطان السفينة الشراعية”، بتأريخ سير الرحلة البحرية منذ بداية رحلتها إلى حين عودتها، وهذا السجل من الأمور المتعارف عليها عند نواخذة السفن الشراعية الكويتية والخليجية، وأصبحت اليوم جزءاً مهماً من التراث الملاحي الخليجي، وتتضمن الرزنامة البحرية وصفاً دقيقاً للمجن والموانئ، وهي سجل يومي لحركة النواخذة والسفن.
وتطرق المسياح إلى خصائص الرزنامة البحرية كسجل توثيقي يومي، يؤرخ للرحلة البحرية من الانطلاقة حتى العودة بمختلف التفاصيل، ولفت إلى أن مركز البحوث والدراسات الكويتية أصدر 17 رزنامة بحرية لنواخذة كويتيين، حيث كان للدكتور يعقوب الحجي دوراً مهماً فيها.

فعاليات المواقع الخارجية

تتضمن أجندة الملتقى فعاليات وأنشطة في مواقع خارجية، بمعنى خارج المعهد، من بينها:

مركز الطفل في حلوان

بمشاركة 40 طفلاً في مركز الطفل بحلوان، تفاعلوا مع الحكايات الشعبية التي روتها لهم كاتبة الأطفال لطيفة البطي من الكويت، التي قالت: “أهتم بإعادة كتابة الحكايات الشعبية الكويتية للأطفال، وأشكر دولة الإمارات الشقيقة ومعهد الشارقة للتراث على هذه الدعوة الكريمة، حيث قمنا ببعض الجولات وورش العمل مع الأطفال من خلال سرد الحكايات الشعبية الكويتية للأطفال، وتقريبها للأطفال، وإظهار هذا التنوع الحضاري الذي ما بين الدول لهم، هذه المشاركة الأولى لي في ملتقى الراوي لهذا السنة، وكانت مشاركة رائعة و جميلة، حيث استفدنا من جميع الخبرات الموجودة ومن جميع الوفود الحاضرة، وأنا اعتبرها احتفالية رائعة لمهرجان عريق يهتم بالكنوز البشرية التي تحمل هذا الإرث الشفاهي الذي يربط الأجيال مع بعضهم البعض”.

وتابعت: “استمتعنا بلعب بعض الألعاب الشعبية مع الأطفال، مثل “طاق طاقية”، “باص باصينا”، فهذه الألعاب الجميلة تخرج الأطفال من جو اللعب مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة، فهي تعيد لهم الحيوية والنشاط ومتعة اللعب الجماعي مع بعضهم البعض، وقمنا بروي حكاية الشيخ سلمان بنت الرمان، وهي حكاية من التراث الشعبي الكويتي، تتحدث عن شيخ كان يحب العمل، ويريد أن يتزوج من فتاة تحب العمل مثله، بالإضافة إلى أننا لم نغفل عن القصص الحديثة، كي يكون لدينا تنوع ما بين الحاضر والماضي، بحيث نجعل الأطفال يحبون هذه الحكايات، حيث روينا لهم قصة “بلا قبعة”، من تأليفي، وهذه القصة حصلت مؤخراً على جائزة الشيخ زايد في الكتاب، وهي قصة تتحدث عن مدينة خيالية، يولد الناس فيها بقبعات تغطي رؤوسهم ووجوههم وتمنع التواصل فيما بينهم، وفيما يحيط بهم من طبيعة جميلة، حيث استمتع الأطفال بها كثيرا وتفاعلوا معها”.

مركز سجايا

في مركز سجايا فتيات الشارقة بالقرائن، كان نجيب الخروبي مدير مركز لتنشيط الأطفال بتونس، الذي قال: “جئت في ملتقى الراوي بدورته الـ 17، كما شاركت بالنسخة الـ 15 والـ 16، بعدة ورش، الورشة الأولى وهي النقش على الفضة، حيث جعلنا الأطفال يقومون برسم شعار الملتقى لهذا العام وهو السير والملاحم، على أوراق الألمنيوم، ثم نضيف عليها شيء من الصبغ السوداء، حتى تضفي نوعاً ما كأنها فضة، حيث يمكن استغلالها في تزيين البيوت أو غرف الأطفال”.

أما بتول الزيد من السعودية مشرفة في الموارد البشرية في وزارة العمل بالرياض، ومدربة لفن طي الورق، فقالت: “هذه أول مشاركة لي في ملتقى الراوي هذه السنة، وأشارك بورشة فن الأوريغامي، ورش مقدمة للأطفال والكبار عن فن طي الورق، وكانت مشاركة الجمهور فعالة، لأنه فن نظيف لا نستخدم فيه لا المقص ولا اللزق، وهو آمن للأطفال ومريح، بالإضافة إلى أنني قمت بعرض أعمالي التي قدمتها في السنوات الماضية، في المعرض المصاحب للملتقى”.

ميغا مول

كان زوار ميغا مول على موعد مع فرقة جمهورية صقلية، وتحدث فرانشيسكو سكيرما، مدير الفرقة الصقلية من باليرمو، عن فرقة باليرمو وهي فرقة للدمى والمسرح التقليدي لصقلية، هذه هي الزيارة الأولى لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأشكر معهد الشارقة للتراث على منحنا هذه الفرصة الرائعة للاطلاع على ثقافة هذا البلد، فهنا عالم آخر وأرى الكثير من القصص التي يمكن رويها عن هذا البلد.

واجهة المجاز

شهدت واجهة المجاز المائية عروض وأعمال منوعة، من بينها فرقة قيرغيزستان، التي قدمت لزوار الواجهة ملحمة مناس والتي تعددت رواياتها، وهي من أكبر الملاحم المعروفة، حجمها أكثر من مليون سطر في القرن السابع والثامن الميلادي، ولكنها تستمر إلى الآن، وتحتوي على ثقافة الشعب القيرغيزي من المأكولات ومظاهر الحياة التقليدية إلى الحرب مع الصين، ولها تأثير قوي في حياة الشعب، وهي منهاج معتمد من الحكومة الى الشعب القيرغيزي حيث تعلم الصبر والحكمة والتعايش والتكاتف خاصة في هذا الزمن، وهي مشهورة جداً بين كافة الاوساط من اطفال ونساء وشباب، رسالتها حب الوطن فبطل هذه الملحمة ضحى بحياته من اجل الوطن وحماية حدود الوطن من الصين وهجومات القبائل.

أما نعيمة المحايلية من الجزائر، حكواتية وكاتبة نصوص، في المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية، التي قدمت حكاية جزائرية في حفل الافتتاح، وكانت حاضرة في الواجهة، لتقدم حكاية أخرى، فقالت: “بدايةً اتوجه بالشكر لكل من ساهم في إنجاح هذا الملتقى، وأشكرهم على دعوتي لأكون جزءاً من هذا الحدث، حيث يتبادل الحضور والمشاركين هذه الثقافات، والتعريف بثقافة بلدي عبر الوطن العربي وتقديم رسالة في القصص التي أرويها، صباح أمس تناولت في الافتتاح رواية تحمل رسالة الحب، لأننا نحتاج الحب في حياتنا في كل اشكاله، اليوم في واجهة المجاز تناولنا حكاية تربوية تجذب انتباه الأطفال والرسالة كانت ان لا تبوح بالسر، السر يدوم سر طالما لم تبح فيه”.

مقاهي

مقهى الملتقى

خلال محاضرة في مقهى الملتقى، استعرض رواة ومتخصصون في الثقافة والأدب سيراً وملاحم عربية من مستودع التراث العربي والإنساني، في محاضرة لمقهى الملتقى بمركز التراث العربي، حيث قدم وناس بن مختار المستشار الثقافي بوزارة الثقافة التونسية، سيرة الزناتي خليفة التي قال إنها ملحمة شعبية تركز على شخصية هذا الملك في تونس، وهي شخصية حاضرة في التراث التونسي تحديداً والمغربي على وجه العموم.

وأشار إلى أن الزناتي خليفة شخصية أسطورية تجسدت في ملامح الرجل القوي الذي تصدى لأبي زيد الهلالي الذي هاجم الأول وقبيلته بعد نقض ذياب بن غانم عم الهلالي العهد بين القبيلتين الذي كان يقوم على أّلا يمنع أحدهما الاعتداء على الآخر.

من جانبها تناولت الدكتورة زهرة المعبي ورقة بحثية بعنوان “بيوت جدة القديمة، ذكريات وروايات”، قالت فيها إن مدينة جدة في السعودية تقع على البحر الأحمر، وتعتبر بوابة الحرمين الشرفيين، وتاريخها ضارب في الجذور ويعود إلى أكثر من 3 آلاف عام.

أما الدكتور سيدي أحمد عبد القادر الباحث والأستاذ بجامعة نواكشوط العصرية، فقد تطرق إلى “التهيدين” التي تجسد ملحمة شعبية موريتانية، لها وزن ثقافي وأدبي عميق في التاريخ الموريتاني، معتبراً الملحمة أحد أهم الأصناف الشعرية المرتبطة بالأمراء الأصحاء والقبائل من ذوي النفوذ.

مقهى الراوي

استحضر رواة إماراتيون في مقهى الراوي حكايات وروايات من الماضي، مستعرضين قصصاً حملت مضامين قيمية وإنسانية عميقة في التراث الإماراتي الشعبي.

تطرق الراوي الإماراتي علي القصير إلى حالة الانسجام والألفة التي جمعت أهل الإمارات في سنوات ما قبل النفط، مستعرضاً شجرة الرولة الشهيرة التي كان يتحوط حولها الأطفال والأهالي خصوصاً في أوقات الأعياد.

من جانبها تطرقت غزالة مبارك همام، الباحثة في التراث الإماراتي إلى خراريف شعبية إماراتية قديمة حملت الكثير من المعاني الإنسانية ومفردات بالغة الأهمية في السياق التربوي، مشيرةً إلى أن العديد من الخراريف مثل “الغول” و”أم الدويس”، تركت أثراً كبيراً في المشهد التراثي الإماراتي.

حفل السمر

استهل حفل السمر الأول بالسلام الوطني، وتلاه كلمة ترحيبية بالضيوف والوفود المشاركة، إلى جانب عرض من السيرة الهلالية في الإمارات العقيلي واليازية، وعرفض لفرقة الشارقة للتراث الفني التابعة لمعهد الشارقة للتراث، إلى جانب عرض حكاية من السيرة الهلالية في مصر والإمارات من قبل فرقة الفنان أحمد سعد الدين للفنون الشعبية بالربابة المصرية وهي المشاركة الأولى لهم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي من تأليف مدير الفرقة محمد شحاته العمدة من مصر، واختتم الحفل بعزف على آلة الدودك من قبل الفرقة الأرمنية ومأدبة عشاء للحضور.

 

شاهد أيضاً

الإيسيسكو تحتفل بمدينة مراكش عاصمة للثقافة الإسلامية

  تحتفل منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو بالاحتفال بمدينة مراكش، التي تتألق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *