الجمعة, 29 مارس, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / جيلبير سينويه: الشيخ زايد كان رائياً حقيقياً، شديد التسامح في معاملة المرأة

جيلبير سينويه: الشيخ زايد كان رائياً حقيقياً، شديد التسامح في معاملة المرأة

عُرف الكاتب جيلبير سينويه بتأليف أكثر من ثلاثين رواية، وهو الذي بدأ بكتابة نصوص أغانٍ صدحت بها أصوات أشهر مغنيات فرنسا ومغنّها. ثمّ قرر خوض مغامرة السرد، وبات ينشر ما معدله رواية كلّ عام. تستند أغلب رواياته على خلفيات تاريخية، كما في روايته الأخيرة الصادرة عن منشورات غاليمار الفرنسية بعنوان “الصقر”، والتي يغوص من خلالها في حياة مؤسس اتحاد الإمارات العربية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الفارس البدوي، الذي حول بقعة من الصحراء إلى دولة حديثة جداً.
وجاء في نص الحوار مع سينويه، الذي نشر في صحيفة “لوماتان ديمانش” السويسرية مع الصحافية والكاتبة باسكال فريه:

-انتظرتَ سنّ السابعة والثلاثين لتتّجه إلى الكتابة الروائية بعدما كنتَ تكتب أشعاراً لتُغنّى. ليس هذا بالأمر الشّائع!

– في الواقع كتبتُ وأنا في سن السابعة والعشرين رواية أولى رفضها جميع الناشرين، وكانوا محقين. بعد ذلك بعشر سنوات كتبت رواية ثانية وافق أوليفييه أوربان على نشرها.
كانت رواية تاريخية. غير أن روايتي المنشورة الثانية، “ابن سينا أو طريق إصفهان” هي التي دشّنت مسيرتي الروائية حقاً. وهي تسرد حياة تاجر فارسي كان أحد عباقرة الطب في مطلع القرن الحادي عشر الميلادي. هكذا أصبحت الكتابة عندي مشغلة كلية تستغرق مني صباح كل يوم وعصره منذ ثلاثين عاماً.

– ما هو الخيط الناظم لمؤلفاتك؟

– إنه التاريخ. فهذا الميدان يسحرني. ولقد صنفني بعضهم كاتباً استشراقيّاً لأني وضعتُ عدة روايات عن الشرق، هذا العالَم الذي أعرفه جيداً بما أني ولدتُ ونشأتُ في مصر، والذي أجده بمثل فتنة فرنسا، أو أوروبا في العصر الوسيط.
ثمّة في هذا المجال الكثير مما يمكن القيام به. ولكني لا أختار رواياتي، بل أعالج مواضيع تجتذبني وتمارس علي تأثيراً قوياً. فمثلاً، كنت ذات يوم أستمع إلى برنامج إذاعيّ يتحدّث عن تركيا وعن رغبتها في الانضمام إلى السوق الأوربية المشتركة. وأنا يصدمني ألا تبدأ أوروبا بمطالبة الدولة التركية بالاعتذار عن مجزرة الأرمن التي ارتُكبت على أراضيها في الربع الأوّل من القرن العشرين. لقد أغضبني الأمر حتى أني كتبت عن المجزرة رواية عنوانها “إيريفان”.

– وكيف فرض نفسه عليك موضوع حياة الشيخ زايد الذي لا يعرفه هنا الجميع؟

– كنتُ قبل اثني عشر عاماً مدعواً إلى معرض للكتاب في أبوظبي. رأيتُ هناك صوَراً للشيخ زايد معلقة في كلّ مكان. ولأن الشرق معروف بالاهتمام الكبير بالشخصيات التاريخية والسياسية لم يلفت الأمر نظري في البداية.
ما أثار فضولي بالمقابل هو أنّ الجميع هناك كانوا يكلمونني عنه. كان ولا يزال موضع تبجيل كبير. فبدأت بتصفح ما كُتب عنه، ولم أكن أعرفه حقاً، ولا أعرف تاريخ الإمارات عن كثب.
ولدى عودتي إلى فرنسا ظلت قصّته تطاردني. فشرعتُ في القراءة عنه بصورة جادة، وشيئاً فشيئاً أصابتني “عدوى” ما لاحظتُه في بلاده وأصدقائها من افتتان بشخصيّته. كان رائياً حقيقياً، شديد التسامح في معاملة المرأة. فكلّمتُ عنه ناشر كتبي بالعربية فقدمني إلى الأديب الإماراتي الدكتور علي بن تميم، الذي أكد لي أن كتباً كبيرة، وُضعَت عن الشيخ زايد، ولكن ما من رواية عنه. وقد أتاح لي الاطلاع على كل الأرشيفات الضروريّة.

– لماذا اخترتَ وضع رواية عنه بدل كتابة سيرته؟

– هناك سيَر عدة للشيخ زايد، فما الجدوى من إضافة سيرة أخرى؟ كنت إلى هذه الدرجة “مسكوناً” بشخصيّته، فرغبتُ في جعله يتحدّث في الرواية بصيغة المتكلّم.

– ما الذي فتنَك فيه أكثر من سواه؟

– أنا أعرف جيداً تاريخ هذا الشطر من العالَم. وعلى امتداد القرن الماضي، ربّما باستثناء أتاتورك، وبورقيبة، لا يمكنني أن أذكر رجلاً غيّر واقع بلاده كما فعل الشيخ زايد. لقد فتنني بتسامحه. كان بدوياً، تعلم القراءة والكتابة متأخّراً إلى حدّ ما، ولد في الصحراء، في منطقة يجب رؤية صورها الفوتوغرافية قبل 1966.
لم يكن فيها شارع واحد صالح لمرور السيارات. وعندما استلم الشيخ زايد دفّة الحكم، كان المطار عبارة عن مدرج رملي، ولم يكن في البلاد لا مستشفى ولا مدرسة ولا طريق معبّدة. وبين 1966 و1980 بنى الشيخ زايد بلاداً.
دعا مهندسين معماريين وقال لهم: “هذه مدينتي”! رسَمها لهم على الرمال، وأضاف “زرتُ نيويورك، وأريد مدينة مثلها، بأربع جادات للسيارات، لأنه في غضون أربعين عاماً سيكون الازدحام هنا شديداً”.
وكانت برامج التربية والتعليم هي همه الأساس، ولقد أنشأ مدارس مختلطة للفتيان والفتيات.
ووقفت إلى جانبه زوجته فاطمة، وكانت بدوية مثله. عصامية انغمست في القراءة وتعلّمت اللغة الإنجليزية وشجّعت زوجها على أن يجعل المرأة تحظى بمثل منزلة الرجل. أمر عجيب في هذه المنطقة من العالم! ليس الحجاب مفروضاً على النساء، وحرية المعتقد متاحة. هذا كله بفضل قوّة رجلٍ وحكمته.

– ثمّ أسس اتحاد الإمارات العربية

– كانت تلك فكرة رائعة! تشغل أبوظبي وحدها 80% من مساحة الاتحاد، أمّا البقيّة فتتكوّن من إمارات صغيرة. فهم الشيخ زائد فوراً أنها إذا بقيت منفصلة فقد تشكّل هدفاً لأطماع إيران، أو للتمزّق والانقلابات. لذلك ناضل ليضمن قيام الاتحاد، وتمكن من تأسيسه بإزالة الحدود بين الإمارات، وإقامة نشيد وطني موحد، وجيش موحد، وعملة وطنية موحدة. وساعد على تحديث الإمارات الأخرى لمعرفته بقلّة مواردها.

– لماذا صغتَ الرواية بضمير المتكلّم؟

– قمتُ بهذا في ثلاث روايات فحسب من بين ثلاثين رواية. يمكن ضمير المتكلّم من التعبير عن أشياء يصعب التعبير عنها على لسان الغائب. فأن يقول المرء “أتألّم” يظلّ أقوى من أن نقول عنه “إنّه يتألّم”.
كانت تحدوني رغبة قويّة في تقمّص شخصية هذا الرجل الشاعر والعجيب الذي راح حضوره يشع في العالَم كلّه، والذي أعرب عن سخاء رائع إزاء العديد من البلدان. كان يعتبر أن الثروة بلا معنى، إذا لم تُغدَق على الجميع.

شاهد أيضاً

فهد رميض الشمري في ذكريات رمضانية :أول يوم صوم في طفولتي كان”فاشلاً”

تفتح وكالة أنباء الشعر العربي نافذة يومية، تحاور فيها الشعراء والشاعرات عن ذكرياتهم الجميلة مع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *