منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا؛شكلت المناسبات الإسلامية مادة خصبة للشعراء، الذين تفاعلوا مع هذه المناسبات الدينية كعيد الأضحى وعيد الفطر ورمضان والحج، التي تتكرر كل عام، مع اختلاف الظروف والأحداث التي تمر بالشاعر بصفة خاصة أو تمر بالأمة الاسلامية بصفة عامة .
الشعراء تفاعلوا كثيراً مع الأعياد، حيث بدا ذلك جليا من خلال أغراض شعرية مختلفة، منها عيد الأضحى المبارك . وعن هذا العيد تنشر الوكالة قصيدة لنجم أمير الشعراء جاسم الصحيح (على قارعة العيد)، يقول فيها .
على قارعة العيد
أعمارُنا كالدُّمَى.. قُومي نُفَتِّتُها
في قبضة العيدِ.. قُومي نخلعُ الطينا
عَوْدًا إلى عُريِنَا الدَّافي نلوذ بهِ
من الشتاء الذي يكسو معانينا
عَودًا إلى ذاتنا الأولى نعانقُها
مجلوَّةً في وشاحٍ من أغانينا
جُزْناَ (الثلاثين) يمتدُّ الهروبُ بنا
عنَّا، إلى أنْ سقطنا من أسامينا
لم نَتَّخِذْ وطنًا إلا طفولتَنا
ها نحن من بعدها أسرَى منافينا
قومي؛ نذيبُ السنين المثقلات أسًى
في قُبلةٍ منكٍ تمتصُّ (الثلاثينا)
حتَّى نفيقَ على طفلينِ دَأْبُهما
في الحُلْمِ يبتكران اللوزَ والتينا
إنَّ الشفاهَ مصافي الروحِ.. ما اتَّحَدَت
بالشوقِ إلا صحا ميلادُنا فينا!
* * *
قومي؛ نعودُ إلينا، فالمدَى سَقَطَتْ
منهُ المسافاتُ واندكَّتْ ليالينا
نعود للفطرة الأُولى التي حَرَثَتْ
أرواحَنا وأحالَتْهاَ بساتينا
شُجَيرَةُ الكَرْمِ ما كانَتْ سوى فَنَنٍ
نلهو به.. رُبَّما أضحتْ أفانينا!
ورُبَّما اعْتُقِلَتْ ألعابُنا، وكبا
نهرُ الحقيقةِ في مجرَى أمانينا!
قومي؛ ألاَ تسمعينَ الجذرَ يندبُنا
لهفانَ، والفطرةَ الأولى تنادينا!
نعودُ كي نوقظَ البستانَ داخلَنا
نبتاً فنبتاً وتلحينًا فتلحينا
فلاَّحُنا العيدُ ما افترَّتْ سواعدُهُ
إلا وساقيةُ الأحلامِ تروينا
العيدُ فلاَّحُنا والروحُ تربتُنا
والعشقُ محراثُنا والحُلْمُ ساقينا
لا عُذْرَ ثَمَّةَ يُرضي مزهريَّتَنا
إنْ نحنُ لم نأتلقْ فيها رياحينا
عنوانُنا العطرُ تُغرينا شَجاعتُهُ
حتَّى نُفَتِّحَ للبَوحِ الشرايينا
تَبَّتْ رسائلُ أشواقٍ نُهَرِّبُها
عبر الخسوفِ يُجَبِّنَّ العناوينا
ماذا عسى البدر يدعونا
ونحنُ هُنا
نرمي به من سماواتِ المحبِّينا!
شيطانُنا الخوفُ ما زالتْ وساوسُه
تغتالُ من روحِنا روحَ المُصَلِّينا
قومي نفضُّ طقوسَ الاعترافِ شذًى
ريَّانَ يطردُ بالبوحِ الشياطينا
لا شيءَ أغلى من الأسرارِ ننحرُها
للعيدِ كي يرتضي منَّا أضاحينا
ما قيمةُ العيدِ عند العاشقينَ إذا
أسرارُهُمْ فيهِ لم تُنْحَرْ قرابينا؟!