الخميس, 28 مارس, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / “تحولات الفضاء الروائي في السرد الاماراتي”.. ندوة في إتحاد الكتاب

“تحولات الفضاء الروائي في السرد الاماراتي”.. ندوة في إتحاد الكتاب

 

نظم نادي النقد في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات مساء أمس ندوة افتراضية بعنوان “تحولات الفضاء الروائي في السرد الاماراتي “ليلة مجنونة
أنموذجا” اعبر برنامج” زووم” بمشاركة الناقد الجزائريّ أستاذ الأدب العربيّ والنقد الحديث والمعاصر ومناهج تحليل الخطاب بجامعة تيبازة،
الدكتور عموري سعيد ومؤلف رواية ” ليلة مجنونة” الكاتب الدكتور محمد حمدان بن جرش.

أدارت الندوة، أستاذة اللغة والآداب العربية بجامعة السوربون وبالثانوية الفرنسية، زينة الشامي، بحضور الناقدة والأكاديمية رئيسة
نادي النقد الدكتورة مريم الهاشمي ونخبة من الكتاب والكاتبات المهتمين بالشأن الثقافي.
عرّفت زينة الشامي بضيف الندوة ثم أوضحت: أن الرواية هي من أحدث إصدارات الكاتب بن جرش، وهو روائيّ وقصّاص وباحث حاصل على دكتوراه
في العلوم الثقافية من جامعة تونس، وتقلّد مناصب إدارية وثقافيّة مهمة، وصدر له عدة مؤلفات في الإدارة والشأن الثقافي، أيضا في أدب
الطفل، منها قصة “محكمة الحيوان” و”كتب حائرة” وله روايات من أهمها “آخر برميل نفط “و”السيد والحشرة” وروايته “ليلة مجنونة” التي
رشحت لتكون نموذجا لتحولات الفضاء الروائي في السرد الإماراتي موضوع ندوتنا.

سرد الإنسان

وقالت “نحن بصدد محاولة لرصد أهم التغيرات التي عرفها الفضاء الروائي فيما أنتجه الكتاب الإماراتيون من سرديات مرت بتحولات كبرى،
مستشهدة بمقولة الكاتبة الإماراتية فتحية النمر “انتقلت الرواية الإماراتية من سرد الصحراء والماء إلى سرد الإنسان” .
وأوضحت الشامي، أن الرواية الإماراتية كما يرى الدكتور عبد الإله عبد القادر متأخرة عن الشعر، ولم تتبدّ كجنس أدبي مستقلّ عن الأساطير
والحكايات الشعبية إلا بعد قيام الاتحاد، ثمّ انتقل الكاتب الإماراتي إلى تصوير واقعه الذي شهد تحولات كبرى فشرع في توسيع مداه والتعبير عن
قضايا متنوعة تتعلق بواقعه الجديد وبطموحاته، ولم يكن التحول حكرا على المواضيع، بل مس كل جوانب السرد من فضاء، وشخوص وحبكة
وأسلوب.
وبينت أن “ليلة مجنونة” تروي لنا قصة منصور العابر الطبيب النفسي الشاب الذي عاش حالة من الإحباط بعد أن فشل في تحقيق رغبات أسرته
وخطيبته التي تخلت عنه، فاتجه للعمل في مصحّة نفسية خاصة تقع على جزيرة معزولة، حيث يلتقي بمرضى نفسانيين يروي لنا كل واحد منهم قصته
وسبب دخوله المستشفى، وفي إطار “فانتازي” مرة وبوليسي تشويقي مرة أخرى تدور الأحداث، هذه الرواية التي وإن كان عنوانها يوحي بزمن
محدود للجنون إلا أن الجنون فيها يتجاوز الليلة الواحدة ويكاد يسيطر على ما أثثها.

انفتاح عالمي

وقال الدكتورعموري سعيد “تشهد الرواية الإماراتية المعاصرة تطورا كبيرا، وغنى فنيا ومعرفيا قدمها في مصاف السردية العربية المعاصرة،
ولعل انفتاحها على التجريب الروائي العالمي جعلها تتشكل بوتيرة متسارعة مطورة من أدائها الفني، ومستشرفة آفاقا بعيدة للإبداع
السردي، فقد صار النص الإماراتي المعاصر ميدانا ثريا تُطرح فيه تلك الأسئلة المتعلقة بالمرجعيات المعرفية والتقنيات الحكائية، يتجاوز
الحديث فيها الوصف البنيوي إلى تحليل الخطاب السردي ومقاربة دلالات التركيب الهندسي، أين يتعالق فيه المبنى الحكائي والمتنَ الحكائي.
وأضاف “لقد نجحت الرواية الإماراتية المعاصرة من خلال أعمال مبدعين رائدين، في بناء فسيفساء سردية، نهلت – في بنائها الفني- من تقنيات
السينما والمسرح ومختلف الفنون، مما يعكس بُعد التجربة الروائية وانفتاحها على الفنون المجاورة من جهة، ومُكنة القلم السردي للروائيين
في القدرة على التفاعل التجريبي للسرد ومحافظة عالية على تلك الشعرية اللغوية التي هي العنوان الفني الحقيقي للرواية من جهة أخرى،
وقد كانت صورة التاريخ والواقع أهم مرجعيات التجربة الروائية الإماراتية المعاصرة، بيد أننا نستشرف من خلال تعامل الروائيين مع
التاريخ تشكيلا جديدا يجعل من الحدث التاريخي والواقعي في صيرورة جدلية تُثري اللغة وتنعكس على تنوع المعجم السردي، وبالتالي تعطي شحنات
معرفية جديدة للروائي، وذلك ما شهدناه في “ليلة مجنونة” للروائي محمد حمدان بن جرش”.
وأوضح أن هذا النوع المعقد من السرد يحتاج معه الروائي إلى زاد معرفي قوي في ميدان التحليل النفسي، وعلينا أن لا نختلف حينما نقرر ما
قرره فرويد من أن الأديب أقدر على قراءة النفس الإنسانية من عالم النفس.

حرية التعبير

وشهدت الندوة عدة مداخلات منها ما قدمته الأستاذ المساعد في كليات التقنية العليا في الشارقة، الدكتورة ناجية الخرجي، حيث قالت: ”
إذا كان عنوان أي عمل أدبي يمثل عتبة مهمة لولوج عالم النص فإنّ عنوان “ليلة مجنونة” يعد عتبة رئيسة للدخول إلى عالم الرواية، حيث
يحمل العنوان نصية خاصة تتأسس قصديتها على مدار قراءة النص حين تنتهي الرواية بإصابة بطلها إصابة خطيرة ودخوله في حالةٍ بين الوعي
واللاوعي، موضحة أن الرواية تتكئ على معطيات علم النفس؛ فبطل الرواية إنسان مأزوم، يعيش حالة دائمة من الاغتراب النفسي والجسدي،
ولديه رغبة دائمة في الانعزال حتى وهو بين الناس، ولا يجد مهرباً له من هذا العالم إلاّ بالتأملات وأحلام اليقظة.
وأضافت “كان المؤلف موفقاً جداً حين جعل الحكاية تروى بضمير المتكلم الذي يمنح للحكي مصداقيته لأنه الأكثر التصاقاً بشخصية الراوية
فيمنحها الحرية للتعبير عن رؤاها ومكنونات نفسِها بسهولة ويسر، وقد نجح بطل الرواية بضمير المتكلم في التعبير عن نفسه أولاً، ثم وصَف العالم
الذي يعيش فيه، ورسم صورة صادقة ومعبرة عن الشخصيات التي تَعامل معها،” مبينة أن المؤلف قام بتوظيف الفضاء النصي من خلال الاعتماد
على آلية الطباعة للتعبير عن وجهة نظر البطل عندما كان يستهل كل مشهد بعبارة فلسفية تمثل مدخلاً لأحداث المشهد تعّمد كتابتها بخط
ثقيل”.
وأوضحت “اتسمت لغة الرواية بالوضوح الشديد دون السقوط في الركاكة والاسفاف، فجاءت لغة شفيفة موحية، عبرت عن نفسيات شخوص الرواية
بشكل واضح من خلال الجمل القصيرة التي منحت إيقاع الرواية انسيابية جعلته يتسم بالحيوية والسرعة، والابتعاد عن الرتابة والملل”.

تجربة ثقافية عميقة

وقالت محاضر الدراسات العربية والإماراتية في كليات التقنية العليا في الشارقة الدكتورة موزة محمد بن خادم المنصوري: “يمكن أن أصنف
هذه الرواية التي أبدع في تخطيطها وهندستها الدكتور محمد بن جرش من الأدب الإنساني الذي لا يحده مكان ولا زمان وإنما إنسانية الإنسان
باتجاهاته وتطلعاته وآماله وانكساراته، وإن كان فضاء الرواية مفتوحاً قريباً من القارئ، إلا أنه يحمل من عمق الدلالات الشيء الكثير،
ولهذا جنحت الرواية إلى العمق الإنساني بكل أشكاله، فغاصت في مداخل ورغبات النفس الإنسانية كما صورها المؤلف، وكشفت عن عمق تجربته
الفنية والثقافية بتعدد مشاربها وفنونها الأدبية التي سخرت لخدمة مقاصد الروائي، وتتابع أحداث روايته، وشخوصها، الذين عبروا عن
مكنوناتهم بصدق وعمق، فتنوع السرد والوصف والحوارات في الرواية بما يخدم تطور الأحداث فيها بشكل متزن ومتدرج”.

الارتباط بالتراث

وذكرت الدكتورة مريم الهاشمي” أثناء قراءتي للرواية خيل لي أني أقرأ رواية مترجمة، فهي لا تمت للبيئة المحلية بصلة، رغم أن المنطقة فيها
كنوز تاريخية” متسائلة هل الرواية لليافعين أم للكبار، وموضحة أنها تفضل الارتباط بالتراث وبالتاريخ المحلي من أجل تقديم عمل إماراتي
متميز.
وقالت الكاتبة عائشة سلطان: ” كان بودي لو حملت الرواية أسماء محلية، وأتمنى أن أقرأ رواية تنتمي للمكان، لماذا الذهاب للمنطقة
البيضاء المحايدة، ربما هو هروب من مقص الرقيب”.

إنسانية الإنسان
من جهته قال الدكتور محمد بن جرش:” نعتمد في الكتابة على توظيف العلم ونظل طلاب نتعلم، وهذه المختبرات الأدبية والنقدية تثري المشهد
الثقافي، كما أن الكاتب هو ضمير المجتمع وعليه أن يتقبل النقد، حتى تتطور تجربته ويرتقي بها” موضحا أن الرواية دائما تبحث عن إنسانية
الإنسان.
وفي إطار إجابته على سؤال من موقع 24 الإخباري حول كيفية انبثاق فكرة الرواية والشرارة الأولى التي حفزته على كتابتها قال بن جرش: ”
لدي شقيقة درست علم النفس في جامعة الإمارات، ثم بدأت في التدريب في مصحات نفسية ومؤسسات عقابية، فكنت أرافقها أحياناً، وكنت مهوساً
بالنظر إلى تلك الشخصيات والاستماع إليها”.
وأضاف أن الإمارات منفتحة على العالم وكل مبدع يكتب حسب ما تتشكل الفكرة في ذهنه، كاشفاً عن عمل قادم تراثي في الإطار المحلي، قد
ينتهي منه خلال عام، موضحاً أن الفنان مبعوث السعادة للمجتمع . 24

شاهد أيضاً

رمضان في نبض الشعراء : ابن الجنان في “مضى رمضان أو كأني به مضى”

  مضى رمضانٌ أو كأني به مضى وغاب سناه بعد ما كان أو مضا فيا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *