الجمعة, 26 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / أدونيس يثير الجدل من جديد في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط

أدونيس يثير الجدل من جديد في المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط

 

بالعاصمة الرباط، قدم الشاعر السوري أدونيس، والفنان المغربي أحمد جريد، كتابا يصاحبُ فيه الشعرُ الرسمَ، والرسمُ الشعرَ، خلال أطوار الدورة الثامنة والعشرين من المعرض الدولي للكتاب والنشر.

ووضع أدونيس هذا “العمل المشترك” الصادر عن مكتبة المدارس ضمن “مشروع منخرط في هم ثقافي متشعب ومتنوع” يهتم بـ”العلاقة بين الذات والآخر، نحن العرب والآخر الغربي منذ القديم”، ثم أضاف: “ضمن هذه الهموم أولا الهم الثقافي، فالاهتمام الشخصي؛ فقد كان سؤالي الأول لماذا نحن العرب اليوم نعيش بين هاويتين، هاوية استعادة ما مضى، وهاوية الاستعارة من الخارج؟ ولماذا في الوقت نفسه نتأثر في مستوى الكلام والألوان والنظري ونهمل المادي؟ مثل تعاملنا مع تراثنا، حتى الذي يعود إلى ما قبل الفتوحات الإسلامية، فنترك الحياة العظيمة المتنوعة في المنطقة، ونحصر اهتمامنا باللغة والمكتوب”.

ويرى الشاعر ذاته أن الاهتمام العربي يبقى “في الرأس فقط”، ويهمل “الجسد، ومادة هذا العالم”؛ قبل أن يزيد شارحا: “نتأثر فقط بالشعر العربي القديم كتابة، ولا نسأل كيف جاءت هذه الكتابة، والأرض التي تعاقبت عليها تجارب إنسانية منذ بداية التاريخ. وهناك النقش التاريخي، وأول نحت، وأول قصيدة حب، وأول ملحمة (…) وبناء العالم حضاريا في هذه المنطقة التي نسميها المنطقة العربية الإسلامية، بتنويعاتها”.

وجدد أدونيس نقدَهُ منتقديهِ حول “مشكلة الحداثة” قائلا: “تمنيت من النقاد العرب الذين انتقدوا كتّاب ‘مجلة شعر’ بكونهم ضد التراث والشعر العربي لو أشاروا إلى مفردات الحداثة في الشعر العربي؛ فقد اُتُّهمنا بأخذ الحداثة من الغرب، وهذا صحيح، لكن أهملنا حداثتنا”.

كما جدد المتحدث ذاته انتقاد ألقاب أضفيت على تجارب شعرية بالمنطقة، مثل تسمية أحمد شوقي “أمير الشعراء”، والجواهري “شاعر العرب الأكبر”، ثم استرسل: “في نظري فن الشعر أعظم تعبير عن الإنسان، وهو تغيير للعالم باستمرار، وإذا وضعنا شوقي مع من استعادَهم، مثل البحتري وأبي تمام والمتنبي، وتساءلنا ما الإضافة؟ أن تقول شعرا معناه أن تضيف وتخلق للإنسان مع الإنسان والكلمة… ما إضافته تجاه من استعادهم؟ لم يقدم أي شيء، بل أعاد صياغة ما قرأناه وعرفناه، فلماذا سميناه أميرا؟”.

والأمر ذاته، في اليسار، مع محمد مهدي الجواهري الملقب بـ”شاعر العرب الأكبر”، “ولو أنه استعاد الهجاء القديم وهجا به أعداء اليسار، واستعاد المدحَ ومدَح به أصدقاء اليسار”، وفق الشاعر ذاته.

ورغم الإجماع حول تأثر “الشعر العربي الحديث” بحديثِ الشعر الغربي، إلا أنه تأثر “سطحي”، وفق أدونيس، الذي يراه لم يتعدّ “جملة من هنا أو هناك”، أو صورة، دون أن “يتأثر على الإطلاق بالأوروبي” بل “ليت لنا بودلير جديدا، أو ملارمي جديدا، أو إليوت جديدا”، وزاد: “لم نتأثر ولم نقرأ بعمق لا التراث العربي ولا الأوروبي، ونحن معلقون لا نوجد في الماضي ولا الحاضر، إلا شكلا (…) نستعمل السيارة بشكل أحسن من مخترعها، ونرفض المبادئ التي أدت إلى اختراعها”.

وحول الكتابة الممكنة للشعر العربي قال المتحدث: “إذا كانت فكرة جديدة يستحيل ألا تنقل بشكل جديد، والجدة في الجسد العربي لا رأسه (…) فحتى الأخ والأخت مشاكلهما الجسدية مختلفة. والهموم الكيانية العميقة مرتبطة بالجسد”؛ مردفا: “العربي لا يتفرد لأن ثقافته ثقافة الرأس فقط، أما الجسد العربي فغير موجود. جميعنا يكتب الحب، لكن لا أحد يكتب حبه هو، أو حبها هي”.

لكن، استدرك أدونيس مجددا التعبير عن اكتشافه أن “المرأة العربية الشابة ضوءٌ”، قائلا: “قرأت لبعضهِن شعرا إذا ما قارناه بما كنا نكتبه نحن، نازك الملائكة والسياب والقباني ومحمود درويش ومجلة شعر، أقول إن كتابتها أكثر أهمية. وللمرة الأولى يأتي كائن عربي يضع رأسه على الرف ويكتب بجسده ومشكلاته؛ ما سيخلق عالما جديدا من العلاقة بين الكلمة والكلمة، والكلمة والشيء”.

في المقابل، تساءل المتدخل: “لماذا في الفن هناك استسلام لمبادئ وحدود عصر النهضة، ونحن مازلنا تابعين للوحة كما رسمت في عصر النهضة، ولو أنه حتى أوروبيا كان خروج عنها بالسوريالية مثلا؟ (…) ولماذا لا تدخل مثلا الكلمة العربية كبعد تكويني في اللوحة، لا زخرفة، واستعادة للخط، مع جماله، بل مؤالفة عضوية بين الخط واللون”؛ ثم استدرك قائلا عن الفنان الذي رافق شعره في مؤلفه الجديد: “للمرة الأولى أرى عملا تتآخى فيه الكلمة واللوحة، وتصير بعدا تكوينيا من الأبعاد التي تقوم عليها. والفن في الأخير خلقُ أشكال لا بذاتها ولا لذاتها، وتغير الشكل هو البرهان الوحيد على تغيّر التجربة (…) وهذا العمل نوع من المفاجأة لي، وأنا سعيد به خطوة أولى نحو لا تحديد للخروج من نمطية اللوحة والقصيدة العربية”.

من جهته قال الناقد عبد الرحمان طنكول، في الندوة التي قدمت المؤلف بمعرض الكتاب في الرباط، إنه عمل “بمثابة سيرة ذاتية لأدونيس”، وإن “المبدع لا يشيخ”؛ فأدونيس هنا “كأنه في عنفوانه الأول”، وزاد: “كما فوجئت بالمنجز التشكيلي لأحمد جريد، ومحاولة خلق العلاقة الجديدة بين الأشكال”، قبل أن يفصح عن معيار ورؤية: “لا نريد أدبا يصالحنا مع الواقع، بل يبحثُ عن الجديد”.

الفنان أحمد جريد ذكر من جهته أن “المجاز أحب لقلب الفن والشعر”، و”الفن عندي لا أحتاج فيه الوضوح” بل “في الفن، كما الشعر، كل مباشر ركيكٌ وغير مجد”؛ وهو ما سمح بـ”الرسم لأصف أشعارا تصف ما لا يوصف”، بعدما أسلم نفسه إلى “غواية العربدة الشعرية لأدونيادا” أي أدونيس.

هذا العمل الذي يجمع في شقيه “الإبداع” ولو فرّقت “الأدوات”، صادق لونين “ليسا في حاجة إلى بعضهما ليكونا”، “لكن بعد تحقُّقِ اللقاء، بكل رهبة؛ كان الرسم استعارة لترى القصيدة نفسها، وكان الشعر استعارة لينطق الرسم؛ فغدت هذه الصداقة صداقة منتجة للأثر الفني”.هسبريس

شاهد أيضاً

البيت العربي في إسبانيا.. تفوز بلقب شخصية العام الثقافية لـ”زايد للكتاب”

  كشفت جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ 18، التي ينظِّمها مركز أبوظبي للغة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *