الثلاثاء, 23 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / شعراء عُمان يحلقون بالقصيدة في ملتقى الشارقة للشعر العربي

شعراء عُمان يحلقون بالقصيدة في ملتقى الشارقة للشعر العربي

استضاف ملتقى الشارقة للشعر العربي الذي نظمه بيت الشعر بدائرة الثقافة بالشارقة ” شعراء من سلطنة عمان ”  وذلك مساء أول من أمس بقصر الثقافة في الشارقة بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، ومحمد ذياب الموسى المستشار بالديوان الأميري، ومحمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية بالدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر بالشارقة، وحشد كبير من متذوقي الشعر والإعلاميين وشارك فيها كل من الشعراء هشام الصقري وشميسة النعماني وناصر الغساني وعائشة السيفي وابراهيم السالمي وقدمتها الشاعرة آية وهبي.

افتتح القراءات الشعرية الشاعر هشام الصقري الذي قرأ قصائد توسدت الحنين واقتربت كثيرا من العاطفة الإنسانية وظهر جلياً أثر ارتباطه بالأسرة من خلال قصائد لامست القرب الأبوي بلغة شفيفة رشيقة ومما قرأ:

طِفْلٌ.. وأَعرفُ قلبي، إنَّهُ شَغفٌ

يَهديهِ قِبْلَتَهُ، عُذْرًا يُشَرِّدُهُ

ظِلَّانِ وارتجفَ المِصباحُ في دَمِنا

يَشتدُّ ما بين ظِلَّينا تَوقُّدُهُ

أَظَلُّ أُسكِتُ قلبي وهو يُنشِدُ لي

ويُستَفَزُّ ” إذا ما لُحْتِ ” مُنشِدُهُ

لِنَكسرِ الليلَ شُبَّاكًا، فَفي فَمِنا

صوتٌ إلى سُلَّمِ الآهاتِ نصعدُهُ

أُحِبُّ.. واضطربَ الإنسانُ، يَا ليَدي…!

غُصْنٌ على الرِّيحِ مَعقودٌ تَأَوُّدُهُ

كَمُمسِكٍ حُلُمًا مَا وهو يَندُبُهُ

لِأنَّهُ عَن قريبٍ سَوفَ يَفقدُهُ

وتدفقت مشاعره من نبع نهر العاطفة الجياشة فأتى الحرف عذباً سلسالاً يروي عطش المتلقي الذي حضر للشعر ومن أجله فقرأ الصقري من قصيدة أخرى:

ضَعي يَديكِ على صدري لتَضبطَهُ

فإنَّ لي فيهِ رُوحًا بالهوى صَرْعى

عيناكِ.. وانطفأَ المعنى يُفَسِّرُها

وقبلَ أن يَتوارى أَشعلَ الشَّمْعا

وكنتُ أُكمِلُ في أعماقِها غَرَقي

سَبْعًا، لأغرقَ مفتونًا بها سَبْعا

من نبْعِ ثَغْرِكِ لم أشربْ سوى ظَمَأٍ

ولم أزَلْ أَتَنَدَّى الثَّغْرَ والنَّبْعا

وبحضور مسرحي وأداء جميل حلقت الشاعرة شميسة النعماني بقصائده لتصنع الدهشة وتمتع بالكلمة، فقرأت قصائد حديثة في مفرداتها ورؤاها، ومن قصيدة ” نبي الوجع ” قرأت:

حَزِينَةٌ دَمْعُهُ .. أو قُلْ بِها وَجَــــــعٌ*

إِذا تَصَدَّقَ مِنْها الرُبْعَ .. صارَ نَبيْ

لا جَمْــعَ يَتْبَعُــــهُ إِلا نَوائِحُـــــــهُ*

وكُلَّما جَفَّ مِنْهُ الحُزْنُ عادَ صَبيْ

كُلُّ النهاياتِ تُشْفى مِنْ بِدايَتِهــــا

إِلَّاهُ يَشْقَى بِحُــزْنٍ فيهِ كَالنَّسَـــبِ

لا شَيءَ يَفْصِلُهُ عَنْهُ.. كَغادِيــــــةٍ

الماءُ ما انْفَكَّ مِنْها وَهْيَ في صَبَبِ

ومن قصيدتها ( أنا لا أحد ) كانت شميسة ترسم رؤاها بقلق وجودي وغربة كونية وتمتمات متصوفة لتحشد الضوء في المعنى:

أنا أبجديةُ غائبٍ فَرَّتْ إلى الأوطانِ يسألُها الحنينُ عن المَدَدْ

أنا تمتماتُ اللَّحنِ موؤدًا بأحكامِ الفقيهِ و”حُرْمَةٍ” في كُلِّ ضوءٍ تَحْتَشِدْ

أنا جَمْعُ أعمارٍ يُقَلِّصُها الزمانُ بحُزْنِهِ في لا عَدَدْ!

أنا سِدْرَةُ الظِلِّ التي سَتَرَتْ بنيها في المَصيفِ،

وفي الشتاءِ تقاسَموا أخْشابَها الثَّكْلى طَعامًا لِلْوَقَدْ

وأنا المَنارةُ خانَها الحُرَّاسُ فانْهارتْ وما بَقِيَ البَلَدْ!

أنا لا أحدْ ..

الشاعر ناصر الغساني تتبع غربة الإنسان في التيه الذي رسم طريقاً ضبابياً للحب فألغى الوقت وأدخله في دهليز المجهول، فكان طوفان المعنى هو الضوء القادم من بعيد لمصافحة هذا النفق:

لا وقَتَ للحُبِّ

عينُ الموتِ تَرْقُبُنَا

أَنَّى اتَّجَهْنَا

لنا المَجْهُولُ والخَطَرُ 

مشى بنا الخوفُ من مِيلادِنَا

ولنَا حُلْمٌ

تُحَاصِرُهُ الأَوْهَامُ والأُطُرُ

الأَرْضُ تَشْتَاقُ للطُّوفَانِ ثَانِيةً

دَرْنَاءُ تَشْرَقُ بالقَتْلَى

وتَنْفَطِرُ

إنَّا كَبُرْنَا على أَوْجَاعِنَا

فَمَتَى يَلُوحُ للضوءِ

في دِهْلِيزِنَا قَدَرُ؟

ومن سفر شعري آخر اتجهت بوصلة الحروف وهي تلبس جبة الشك وتتوه في لجة المعنى وتطوف كسحابة تحركها ريح التساؤل الذي لا يفضي إلا إلى ظمأ الإجابة فقال:

مُسَافِرٌ

جُبَّتِي بالشكِّ قَدْ غُزِلَتْ

أَتُوهُ في لُجَّةِ المعنى

ووَسْوَسَتِي

أَمْضِي كأنّي سحابٌ

ريحُ أسئلةٍ تجرُّني

لا مدىً يفضي لأجوبةِ 

فمُذْ تَجَلَّيْتُ في نفسي

ولي سَفَرٌ يَمْتَدُّ .. يَمْتَدُّ ..

لا شطٌّ لأَشْرِعَتِي

أَمْضِي على وَرَعٍ تَنْدَاحُ

في سَفَرِي رؤيايَ

مُتَّخِذَ الأشعارِ بوصلتي

أطلت الشاعرة عائشة السيفي برمزية عالية لتقرأ نصوصاً حداثية أنيقة، سافرت بالمتلقي وأخذته في عالم تأملي سريع النبض وهي تنبش الرمل لتحدث الجسد المضيء بالذكرى والحنين فتؤنس بحروفها وحدته وترش بماء القصيدة تربته وتنادي عليه بشعور رقيق أنيق حزين:

كأيِّ مسيحٍ يداهِمهُ الموتُ سهواً

رأيتُ أبِي .. كان يومئُ للنخلِ .. مستسلماً لمواويلهِ النزويةِ ..

محتفياً بالحمامِ الذيْ حط في كتفيهِ

وحيداً .. ولا ظل يؤنسُ وحدته ..

وحدهُ الغيمُ .. كان يصليْ عليهِ ..

وكنتُ أناديهِ: يا أبتِ! الموتُ أبردُ منْ كوبِ ماءٍ على جسديْ وأحن علي من الرملِ

يا أبتِ .. الماءُ حاصرنيْ بالحنينِ ولا وقت كيْ أحرج الليل بالضوءِ والحزن بالذكرياتْ

وتوقفت عائشة عند محطة العمر الذي طاف تسعاً وعشرين رحلة بين قلبين لا يتصاحبان ولا يفترقان:

تِسعٌ وعِشرُون لا ظِلٌ سِوى غرقِي

تسعٌ وعِشرُون عُمر فادِح القلقِ

تسعٌ وعشرُو ن نهرً فاض بِي وأنا

كقاربٍ في ظلام اليمِّ مُحترقِ

)إني أضأتُ) ولكِنْ ما أضاء دمِي

ولا انسكبتُ كدمعِ اللهِ فِي الورقِ

تِسعٌ وعِشرون هذا الموتُ أدرِكُه حيناً ويُدرِكُني في كُل مُفترق

فما تصاحب قلبانا ولا افترقتْ

عنا الدُروبُ ولا أسلمتُهُ رمقِي

اختتم القراءات الشعرية الشاعر ابراهيم السالمي انتقل من قلق يسير على قلق ليأثث علة التوقيت ويطير بخفة وبلغة بليغة مخاطباً صديقه الشعر أو الإنسان أو هما في آن:

يا صديقي

خذني على وسعي وضيقي

في فكرة الوطن الذي

ينسال من شجر اللبان إلى المضيقِ

يغفو على نزق المغنّي

ثم يصحو دونما قيثارةٍ

يدحو رقاقًا من دقيقِ

خذني فإن ضاقت طريقك

إن في المسرى طريقي

يا صديقي

وخلال الأمسية كرم سعادة رئيس دائرة الثقافة الأستاذ عبدالله العويس ومدير بيت الشعر الأستاذ محمد البريكي الشعراء المشاركين في الأمسية

شاهد أيضاً

تمديد المشاركات في جائزة «سرد الذهب»

  أعلن مركز أبوظبي للغة العربية تمديد الموعد النهائي لتقديم طلبات المشاركة في الدورة الثانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *