طالب الشاعر التونسي المكي الهمامي وزارة الثقافة بالاهتمام بالشعر والأدب الشعبي التونسي كونه جزءا من الذاكرة الوطنية، وأكد أن يجب الحفاظ عليه خوفا من ضياعه كون أغلبه شفوي. وقال الهامي في تصريح للوكالة: “يمكن أن نتعرّض للشعر الشعبيّ في تونس في مستويات ثلاثة: أنواعه، وأوزانه، وحضوره في المشهد الشعريّ التونسيّ حاليّا.
أما فيما يتعلّق بأنواعه، فيتّفق الشعراء الشعبيّون في تونس القدماء والمحدثون على أنّ فروع الشعر الشعبيّ الأصليّة أربعة، هي : القسيم/ الموقف/ المسدّس/ الملزومة.. وجميعها أشكال من الشعر الشعبيّ، لكلّ شكل منها طريقة في الكتابة مخصوصة تميّزه عن غيره..
وأما فيما يتعلّق بأوزانه، فقد قلّب الباحثون النظر فيها تقليبا، وانتهوا إلى اختلافها عن أوزان الخليل اختلافا جليّا.. وذلك نظرا لعدم اشتمال اللّهجة التونسيّة على مكوّنات العروض الخليليّ كاملة من أسباب وأوتاد (أو حركات قصيرة وحركات طريلة وحركات متناهية في الطول)، كما هو الحال في لغة الضاد الفصحى.. وتختلف في هذه المسألة لغة البوادي عن لغة الحواضر قربا وبعدا عن العربية الفصحى..
وأماحضوره راهنا، في المشهد الشعريّ والأدبيّ عموما، فالحقّ أنّه عرف انحسارا، منذ سنوات، ليقتصر على الدواخل، ولا سيما الجنوب التونسيّ.. هناك، حيث البيئة الصحراوية، يزدهر هذا الفنّ من الشعر ازدهارا كبيرا.. وتعدّ صفة الشاعر مجلبة للفخر، لاقترانها في المخيال الشعبي بالفروسيّة والشهامة والكرم.. ومازالت تتناهى إلينا أخبار شتّى عن مهرجانات تعقد احتفاءّ بهذا الفنّ من الشعر، وإن كانت تتّخذ في أحيان كثيرة طابعا فلكلوريّا وسياحيّا.. والمهم عندنا، أنه إرث حيّ لا يموت، وجزء من التاريخ التونسيّ في انتصاراته وانكساراته.. فالكثير من الملاحم الشعريّة الشعبيّة التي تخلّد نضالات المقاومين ضدّ المستعمر الفرنسيّ، هي بمثابة وثيقة تاريخيّة وفنيّة نادرة.. ولأجل كل ذلك، على وزارة الثقافة أن تحرص كلّ الحرص على رعايته وحفظه من التلاشي ولا سيما أن أغلبه شفويّ، باعتباره جزءا أصيلا من الذاكرة الوطنية.”