وكالة أنباء الشعر
مقالات مشابهة
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة أمسية احتفالية لتكريم ووداع الأديب والشاعر نصر بدوان الذي سيغادر الإمارات متوجهاً إلى الأردن عقب انتهاء عمله بالدولة، بعد أن أمضى فيها أكثر من 50 عاماً، وكان شاعراً مبدعاً له حضور قوي في الوسط الثقافي.
ونصر بدوان عضو في عدد من الاتحادات العربية، كاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينين، ورابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، واتحاد كتاب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينيّه، علاوة على أنه عضو اللجنة الثقافية في النادي الثقافي العربي في الشارقة منذ عام 2011.
استقر في الإمارات منذ ديسمبر (كانون الأول) 1971 حيث شهد احتفالات الدولة بإعلان قيام الاتحاد حين ذلك، كما عاصر مراحل تطور الدولة ونهضتها، وفي تصريحات له يقول: “كنت كثير التجوال في إمارات الدولة، لزيارة المحطات الزراعية في الذيد وفلج المعلا ومليحة وكلباء والدقداقة والفجيرة والعين وأبوظبي، بحكم عملي، مما مكنني من الاستمتاع بجمال تضاريس الطبيعة الإماراتية الخلابة والمتنوعة، من بحر وسهول وجبال، والتي احتضنت الجميع برحابة وتقدير”.
ويضيف: “في الإمارات كوَنت صداقات مع شتى الجنسيات، وتعرفت على عادات الشعوب وتقاليدها، ووجدت تلاقي الشعوب والحضارات، وهو ما يعكس ثقافة مجتمع الإمارات القائم على التسامح والتعايش، وسط مناخ الانفتاح على الثقافات الإنسانية ببعديها المعاصر والتراثي، فالتنوع الثقافي قوة محركة للتنمية على مختلف الصُّعُد”.
وتطورت موهبة بدوان كشاعر بتشجيع الأصدقاء المقربين منه، وبعض الجهات الثقافية بالدولة، وكان شاعراً نشيطاً ومتميزاً بالمشهد الثقافي في الإمارات، حيث شارك بمئات الأمسيات والندوات الثقافية في مؤسسات عديدة، ثم توالت إصدارته الشعرية المتميزة حتى بلغ عددها أكثر من 6 مجموعات شعرية، وكان يفتخر دوماً أنه أطلق إصداراته من الإمارات.
ويقول صديقه المقرب الشاعر محمد إدريس: “نصر بدوان، صديق وأخ قبل أن يكون شاعراً وزميلاً، يعز علينا وداعه، ويعز علينا فراقه، ترافقنا معه في مشوار الحياة على الحلوة والمرة، فكان نعم الأخ، ونعم الصديق، يتميز نصر بحسن الخلق، وحلو المعشر، وهدوء الطباع، أحبه كل من عرفه، ومدحه كل من لاقاه، وهو صديقي وزميلي في رحلة الحياة، وفي رحلة الشعر والأدب، كتبنا قصيدة النثر معاً، وتعصبنا لها معاً، خضنا معاركها معاً، وخضنا حروبها معأ، حيث انتصرنا أحياناً، وانهزمنا أحايين، إلا أننا ما زلنا نقاتل، وما زلنا صامدين”.
ويضيف: “يكتب نصر بدوان القصيدة النثرية الجميلة، التي تعكس روحه وفكره ومشاعره، أسلوبه جميل، وقصيدته مدهشة، فيها من السحر، وفيها من الجمال الشيء الكثير”.
رؤية نقدية
وفي مقطع من قراءة نقدية لقصيدة نصر بدوان “على أعتاب غد” يقول الناقد رائد الحواري: “النص الجميل هو الذي يأتي من خلال العقل الباطن للشاعر، فيجد فيه المتلقي ما هو لافت ومثير، بداية نجد أن العنوان: “على أعتاب غد” متعلق بالتغيير وبالثورة، لهذا سنجد ألفاظ بيضاء وأخرى قاسية، لأن الثورة والتغيير فعل يحتاج إلى جهد وتعب وقسوة، لكن الغلبة للألفاظ البيضاء، وهذا يشير إلى انحياز الشاعر للثورة، وبما أن الثورة متعلقة بالجماهير وبعامة الناس، فكان لا بد من مخاطبتها باللغة التي تفهمها، لكن الشاعر خاطب أيضا الفئة المثقفة من خلال الرمز والإيحاء، وهذا ما جعل القصيدة تلبي رغبات كل المتلقين، العاديين والمثقفين”.
ويضيف الحواري: “نجد في القصيدة جماليات متعددة، منها التورية الكامنة في: “تضيء ما بين الماء والماء” الذي يأخذنا إلى فلسطين التاريخية، كما أن وجود الحرب بأكثر من صيغة: “الفتح، نارا، تهز، بالدم، الشهيد” ومن خلال رمزية الخيل: “خيل، تصهل، حوافرها” ومن خلال كلمات تحث على خوض الحرب والثورة: “الضوء القادم، تصهل في الساحات، تقدح نارا، تضيء ما بين الماء، تهز الشرفات، غدا يجلجل، وصدى ثائرات” كل هذا يخدم فكرة التغيير والثورة التي يريدها الشاعر”.
قصيدة بدوان “على أعتاب غد”
على أعتاب غد
يرسل إشاراته المتوضأة
في دهشة الرائي وقفت
أهش طيور الوهم
أن انزاحي قليلا أو كثيرا
ليمر الضوء القادم
مثل خيل الفتح
تصهل في الساحات
حوافرها تقدح ناراً
تضيء ما بين الماء والماء
تهز الشرفات في قصور المرمر
المصبوغة بالدم الشهيد
وتشب
في جليد المَخادع
المطمورة بالفرو الباذخ
وهيهات هيهات
لا شيء يبث الدفء
في القلوب الميتة
ولا شيء يرسل في الخواء
نبض الحياة
على أعتاب غد يجلجل في الساحات
نشيدا وحداءً
وصدى حناجر ثائرات
تعالى
حتى لامس كف السماء
تبارك منها وشدت خطاه
فلا النار توقف زحفه
ولا الشوك يدمي خطواته الواثقات
” إذا الشعب يوما أراد الحياة”.
المصدر : 24
