حظي شهر رمضان باهتمام كبير من قبل الشعراء الذين راحوا يتبارون في مدحه وتجسيد مشاعر الفرحة في قلوب الناس.
فقد تفنن الشعراء في الترحيب به، بل وعدوه امارة خير وبشارة يمن وبركة.
(رمضان في نبض الشعراء)، زاوية يومية تخصصها الوكالة لنشر ابداعات الشعراء ونبض حناجرهم في الترحيب بالشهر الفضيل.
قصيدة هذا اليوم كانت للشاعر المصري الراحل عزيز أباظة وقصيدة مميزة في (أشجان رمضان) .
أَلْفَيْتَنِي مُذْ جِئْتَ نِضْوَ شُجُونِ
وَشَهِدْتَ وَاصِبَ لَوْعَتِي وَأَنِينِي
وَلَقِيتَنِي فَرْدًا[1] حَنَا أَضْلاَعَهُ
فِي الأَيِّمَيْنِ عَلَى جَوًى وَحَنِينِ
غَالَ الرَّدَى إِلْفَ الصِّبَا وَقَرِينَهُ
فَتُرِكْتُ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِ قَرِينِ
أَسْوَانَ بَعْضُ أَسَايَ يَنْهَكُ مُهْجَتِي
حَيْرَانَ أَيْسَرُ حَيْرَتِي تُرْدِينِي
ضَجِرًا فَأَهْوَنُ مَا يُمِضُّ يُمِضُّنِي
وَأَقَلُّ مَا يُبْكِي امْرَأً يُبْكِينِي
رَمَضَانُ وَيْحَكَ ذِكْرَيَاتُكَ جَمَّةٌ
وَالذِّكْرَيَاتُ ذَخِيرَةُ الْمَحْزُونِ
كَانَتْ تُطَالِعُنَا لَيَالِيكَ الَّتِي
سَلَفَتْ بِأَيْمَنِ عَارِضٍ وَجَبِينِ
وَتَرُدُّنَا لِهَوَى الصِّبَا وَجُنُونِهِ
وَهَوَى الصِّبَا سَقَطٌ بِغَيْرِ جُنُونِ
فِي مَنْزِلٍ جَمَعَ الْوَثَارَةَ وَالْمُنَى
مَجْلُوَّةً مَنْضُورَةَ التَّلْوِينِ
كَخَمِيلَةِ الغَرِدَيْنِ فِي أَحْضَانِهَا
أَمِنَا عُيُونَ كَوَاشِحٍ وَعُيُونِ
مَرِحَانِ صَاغَهُمَا النَّعِيمُ فَأَمْسَيَا
فِي نَضْرَةٍ يَتَقَلَّبَانِ وَلِينِ
نَسِيَا الدُّنَى وَتَفَرَّغَا لِهَوَاهُمَا
وَتَزَايَلاَ فِي قُدْسِهِ الْمَكْنُونِ
ذَهَبَتْ كَمَا ذَهَبَ الضُّحَى مُتَأَلِّقًا
وَبَقِيتُ أَضْرِبُ فِي اللَّيَالِي الْجُونِ
وَذَوَتْ بَشَاشَاتُ الْحَيَاةِ وَلَمْ يَعُدْ
فِي أُنْسِهَا – يَا زَيْنُ – مَا يُصْبِينِي
أَزْوَرُّ عَنْ لَأْلاَئِهَا وَنَعِيمِهَا
فَإِذَا جَنَحْتُ لَهَا تَقَشَّعُ دُونِي
يُسِّرْتُ لِلبَأْسَاءِ أَحْمِلُ عِبْئَهَا
فِي بَثِّ مَفْؤُودٍ وَيَأْسِ غَبِينِ
لَوْلاَ وَدَائِعُكِ الَّتِي اسْتَوْدَعْتِنِي
لَنَفَضْتُ مِنْ هَذِي الْحَيَاةِ يَمِينِي
لَمْ أَنْسَ يَوْمَ هَفَا فَعَاجَلَكِ الرَّدَى
هَمْسًا بَذَلْتِ إِلَيَّ غَيْرَ مُبِينِ
وَسَنَاكِ لَمَّاحٌ، وَنَفْسُكِ طَلْقَةٌ
تَسْنَى بِإِيمَانٍ وَصِدْقِ يَقِينِ
قُلْتِ: ارْعَ أَكْبُدَنَا الضِّعَافَ وَأَوْلِهِمْ
مِنْ عَطْفِكَ الْمُنْهَلِّ مَا تُولِينِي
قَرِّي فَهُمْ – يَا زَيْنُ – بَيْنَ جَوَانِحِي
فَإِذَا جَلَوْا عَنْهَا فَبَيْنَ جُفُونِي
يَا زَيْنُ، إِنْ ثَقُلَ الوَفَاءُ عَلَى الوَرَى
فَتَصَابَؤُوا[8] عَنْ شَرْعِهِ الْمَسْنُونِ
فَأَنَا الْمُقِيمُ وَفَاؤُهُ وَوِدَادُهُ
عَهْدِي إِلَيْكِ عَلَى الْمَدَى وَيَمِينِي.