الخميس, 2 مايو, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / رواية تشكك في انتحار الشاعر الروسي سيرجي ييسنين

رواية تشكك في انتحار الشاعر الروسي سيرجي ييسنين

تعتمد رواية «موزاييك الحب والموت» للروائية الروسية «ناتاليا فيكو» على زمن الماضي البعيد، وبالتحديد النصف الأول من القرن العشرين، وتأثير الثورة البلشفية على مجتمع الاتحاد السوفييتي السابق، مع توالي السلطة الحاكمة وتغير الإيديولوجيات المهيمنة، في عهد لينين ثم ستالين، وانعكاس هذه المتغيرات على المسرح الروسي بصفة خاصة، وفنانيه الكبار، وعلى رأسهم بطلا هذه الرواية المخرج مايرهولد (28 يناير 1874 – فبراير 1940) وزوجته الممثلة زيناييدا رايخ.
ووفقا لمصادر اعلامية، فإن الرواية ترجمها إلى العربية علي فهمي عبد السلام، وصدرت عن المركز القومي للترجمة، بتقديم للدكتورة نهاد إبراهيم، التي وقفت في المقدمة أمام اللحظات المؤثرة في سيرة مايرهولد ومسرحه، والممثلة الروسية زيناييدا رايخ والشاعر الروسي الكبير سيرجي ييسنين (3 أكتوبر 1895 – 28 ديسمبر 1925) كما توقفت أمام أهم ملامح الحقبة السياسية، التي عاصرها هؤلاء، قبل وأثناء قيام الثورة البلشفية سنة 1917.
ورغم أن الروائية متخصصة في تاريخ الاتحاد السوفييتي في النصف الأول من القرن العشرين، غير أنها لم تتوغل كثيراً في التفاصيل، وفضلت طبقاً لرؤيتها أن تتعامل مع هذا العالم، الذي استحضرته وجسدته من خلال المزج بين الوقائع التاريخية، وخصوبة الخيال، بشيء من الحذر الكبير والاقتراب المحسوب من هذه المنطقة الوعرة، مع التركيز على النتائج والابتعاد عن التعبيرات السياسية الصريحة، والمصطلحات المتعارف عليها، والصياغة الدعائية والنزعة الوطنية الصارخة، بما يوحي بأنها ليست رواية سياسية متكاملة، مع أنها في الواقع رواية سياسية عميقة، لكنها تحمل أسلوبها الخاص في البناء والتعبير.

يقول الفنان الكبير بيكاسو: «إذا أردت تعلم التكوين في الرسم، عليك بدراسة مسرح مايرهولد»، ومايرهولد هو أحد أبطال تلك الرواية المتفاعلين في دائرة العلاقات الدرامية المتشابكة، وكان مسرحه يهتم بأدق التفاصيل، ويقوم بتشريح وتحليل ذرات المجتمع من حيث الأسباب والدوافع، ولا يتعامل بمنطق الاستسهال مع النتائج المترتبة من حيث النهاية، فكان دائماً يبحث عن نقطة البداية، ليصل منها إلى نهاية أخرى، حسب فكره الثوري، الذي لا يستهدف في النهاية إلا بناء ووعي المواطن الروسي.
في عهد ستالين تم تهميش إنجازات مايرهولد وترسيخ فكرة أنه من أعداء السلطة السياسية الحاكمة، وهو ما أكدته المؤلفة في روايتها، وكان لا بد من التخلص من مسرحه بالإغلاق عام 1938 والقبض على مايرهولد، وإخضاعه لتعذيب وحشي، وإجباره على الاعتراف بمؤامرات مع زملائه، ليس له بها أي علاقة بالواقع أصلاً، منها التجسس لصالح اليابان، والتعاون مع تروتسكي عدو ستالين الأول، وأمام المحكمة أنكر مايرهولد الاعترافات، التي أجبر عليها، وفي النهاية صدرت الأوامر بإعدامه رمياً بالرصاص سنة 1940 وبعد سنوات تم رفع الظلم والحصار عن عالمه الفني.
أما زيناييدا فهي ممثلة روسية عظيمة، كانت زوجة للشاعر ييسنين، ثم زوجة للمخرج المسرحي مايرهولد، وقد انتهت حياتها بطريقة وحشية تماماً، عندما بعثت إليها المخابرات الروسية من يقتلها في شقتها، وقد وصفت الرواية هذا المشهد بكل قسوته، أما ييسنين فقد تزوج زيناييدا في نفس عام الثورة البلشفية، ثم تزوج بعدها رائدة الرقص الحديث الفنانة الأمريكية إيزادورا دنكان وكان أول شاعر يسافر خارج نطاق الاتحاد السوفييتي، حين ترك كل شيء وراءه واصطحب دنكان، وانتهى به الأمر في مستشفى للأمراض العقلية، لكنه عاد إلى موسكو عام 1923 بعدما انفصل عن زوجته، ثم قام بشنق نفسه في غرفة بأحد الفنادق في ديسمبر 1928 كان في الثلاثين من عمره آنذاك وقد كتب على الحائط بدمه: «أن تموت هذا ليس جديداً، لكن أن تعيش فهذا ليس جديداً أيضاً» ومع ذلك ألمحت المؤلفة أن ييسنين قُتل ولم ينتحر، كما أشيع، ففي حوار بينه وبين زيناييدا يقول سيرجي: «عندنا أي شيء يمكن أن يحدث، لكن أنت إذا حدث لا تصدقي فأنا لن أقتل نفسي أبداً تذكري ذلك» والغريب أن «إيزادورا دنكان» كتبت رسالة بخط يدها: «الوداع يا أصدقائي فإنني ذاهبة إلى المجد» واستعارت سيارة رياضية من أحد أصدقائها بمدينة نيس الفرنسية وماتت إثر حادث أليم في 27 سبتمبر عام 1927.
تطرح المؤلفة في هذه الرواية تنويعة أخرى على غضب المواطن في المجتمع الروسي، لكن شتان بين دوافع ومظاهر وأهداف غضب مواطن الماضي ومواطن الحاضر، ومع ذلك يظل الصراع دائماً في منظومة الخوف الجاثم لا يخرج عن ثنائية أنانية، بفعل الغربة الداخلية الجاثمة والحزن المترسب في قلوب الشخصيات التي تحيل إلى اختيار واحد فقط دون غيره: «إما أنا وإما أنا» كل هذه الثنائيات داخل الرواية، تقوم على صراع الحب القاتل، الذي يرتبط في كثير من الأحيان بالموت المعنوي أو الجسدي».

شاهد أيضاً

تمديد المشاركات في جائزة «سرد الذهب»

  أعلن مركز أبوظبي للغة العربية تمديد الموعد النهائي لتقديم طلبات المشاركة في الدورة الثانية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *