الإثنين, 6 مايو, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / حركة شعراء نيسان الأردنية تطلق بيانها الأول

حركة شعراء نيسان الأردنية تطلق بيانها الأول

أطلقت “حركة شعراء نيسان” بيانها الأول بمشاركة الشعراء :مهدي نصير – نضال القاسم – د. سلطان الزغول في حفل أداره الشاعر موسى حوامدة أقيم مساء الأربعاء في منتدى شومان في عمان.

وجاء في بيان الحركة:

 الشِّعرُ روحُ الأمم الحيَّةِ، وأمَّةٌ بلا شِعرٍ هي أمَّةٌ قاحلةٌ تحيا خارجَ التاريخ والحضارة. والأمَّةُ العربية ذاتُ تاريخٍ موغلٍ في الشِّعر وفي القيم الإنسانية النبيلة التي حملها الشِّعر العربي منذ أقدم نماذجه القادمةِ من عمق الصحراء حتى آخرِ قصيدةٍ يتغنى بها شاعرٌ شابٌ في أيِّ بقعةٍ عربية، لذلك علينا أن نُعيد للشِّعر العربي مكانته التي تليق به في الحياة اليوميَّة للشعب العربيِّ نشيداً لهذا الشعب من محيطه إلى خليجه، نشيداً للحريَّة والحياة والحب والجمال. والشِّعر هو الحلمُ العالي للإنسانِ، هو بحثه عن قيمةٍ لهذا العالم وعن معنى لهذا الخواء والضجرِ اليومي المتكرِّرِ، وهو بحث الإنسان عن انتسابٍ عميقٍ للطبيعةِ والطينِ. ويحمل الشّاعر على عاتقه مهمة الارتقاء بهذا الانتساب عبرَ تنقية اللغة وتجديدها وتنشيط فصول حياتها داخل الطبيعة والتاريخ، فليس مصادفةً أن تولد فكرة هذا البيان في نيسان، شهر تجلي الحياة وتفتحها، شهر الخصب وتدفق الينابيع في أرضنا العربية منذ آلاف السنين.

ترتكز رؤيتنا للشِّعر والشِّعرية على ما يلي:

أولاً: أن يحفر الشاعر عميقاً في أرضه الخاصة، وأن يمتلك الرؤية التي تمكِّنه من تفكيك الظواهر والأحداث وإعادة توظيفها في سياق نصّه، فثقافته الواسعة تعطيه القدرة على فهم دينامية الفعل الشِّعري بوصفه قراءة للعالم تتفاعل مع أشيائه وتفاصيله بعيداً عن الهتاف المجاني والصراخ الانفعالي، فالشاعر يناضل نصّيا وواقعيا ضد الطبقية والتخلف والقهر وهو يحلم بالنهضة والحرية والعدل والمساواة، خاصةً والمجتمع العربي في منعطف لم يخرج منه إلى آفاق العلم والحرية والإبداع الرحبة كغيره من شعوب العالم المتمدن.

ثانياً: لغة الشعر لغة إشارة وتكثيف، ولا بدّ للفظة في السياق الشعري أن تعلو على ذاتها، أن تزخر بأكثر مما تعنيه في الواقع اللغوي، وأن تشير أكثر مما تصرّح عبر إدراك الشاعر لقدرات المجاز في منح الألفاظ مساحاتٍ أوسعَ من دلالاتها المعجمية، وإدخالها في عوالمَ جديدة، وللغة الشعرية قوانينها الخاصة؛ فالشاعر يهدم البناء اللغويّ المعتاد ليعيد تشكيله في فضاءٍ رؤيويٍّ مدهش، وهو يشحن الكلمات بطاقاتٍ تصويريـةٍ وإيحائيـةٍ وموسيقيةٍ عبر تركيبها في النص. وتمتلك القصيدةُ شُحنةً شعريةً عالية تنقلها لا شعورياً إلى المتلقي فتُشعره بالرعشة والدهشة، إذ إنَّ لغتَها تتشكَّل كمُركَّبٍ كيميائيٍّ لغويٍّ يمتلك كياناً مستقلاً وهويةً تدلُّ عليها، فيصعب حذفُ أيِّ جزءٍ منها دون الإخلال بوحدتها.

يمكن القول إن لغة النصِّ الشعري لغةٌ مكثفة تعبُرُ الوعي إلى اللاوعي لتشكِّلَ فرادتها وتميزها، فيستوعب النصُّ العالمَ متضمناً رؤية الشاعر لهذا العالم وفهمه لحركته، وموقفَه من جملة التناقضات التي تتمخض عنها هذه الحركة , وبذلك نقترب بالشِّعر من جوهر اللغة كما تقترب اللغة من ينابيعها الطينية الملأى بالحياة.

ثالثاً: تُعدُّ الأسطورة أبرزَ تجليات العقل البدائي الصافي للبشرية كلها، وهي تكشف بكارة الثقافات البشرية وأسئلة الإنسان الأولى في ماضيه السحيق. وثمةَ نسبٌ قديمٌ بين الشِّعر والأسطورة والموسيقى، حيث شكَّلت هذه العائلة النبيلة المحرك الأساسيّ للحضارة والحياة والناس، وظلَّ الشِّعر صورةً من صور الأسطورة المتحرِّكة الحيَّة، وقد شكَّل مع الموسيقى توأمةً حقيقيةً تناسلت من الأسطورة التي أنتجت عبر التاريخ القيم الجمالية الإنسانية العليا ومنحت الحياة لوناً وطعماً وسموّاً في مواجهة قُبح التاريخ وقُبح الطبيعة وقُبح الإنسان نفسه.

تُشكِّل الأسطورة نظاماً خاصاً في بنية الخطاب الشِّعري، وقد يبدو هذا النظام عصيَّاً على الضبط والتحديد، لضبابية الرؤية فيه من جهة، ولكثافة الأسطورة وغموضها وتداخلها مع ظواهر أخرى من جهة ثانية؛ فعندما نستحضر الأسطورة نستحضر معها التاريخ متداخلاً مع اللغة والميثولوجيا والحكايات الشعبية والأهازيج والأحلام والأحداث السحيقة، ولذلك يصعب تلمس أوجه الأسطورة بأبعادها كلها لتناصّها مع حقولٍ معرفيةٍ أخرى، لكننا نؤمن بتغلغلها في التجربة الشعرية من خلال رؤيةٍ جديدةٍ تعمد إلى تفكيك الأسطورة والاستفادة من عناصرها في بناء النصّ الذي يشكّل تجربةً معاصرةً تُعيدُ تشكيلَ أسطورتها، بحيث تبدو الأسطورة القديمة ظلاً بعيداً لها.

رابعاً: اقتصرت قراءاتُ القصيدةِ العربية إيقاعيّاً وعروضيّاً، سواءً أكانت عموديةً أم تفعيليةً أم قصيدة نثر، على إيقاع الأذن الشفاهيِّ فقط، وعبر تاريخ طويل من التنظير لإيقاع القصيدة العربية أُهمل إيقاع العين والإيقاعاتُ الأخرى المتصلة بالطبيعة الحية كإيقاع الشمِّ وإيقاعِ الذوقِ وإيقاعِ اللمسِ. والقصيدة لا تكتملُ بحاسَّةٍ واحدةٍ، لذلكَ لا بدَّ من إعادةِ تعريف مكوِّناتِ الإيقاع لتشملَ الحواسَّ الإنسانيةَ كلَّها كأساسٍ لإيقاع القصيدةِ.

وترى حركة نيسان أن قُصوراً تاريخياً وثقافياً شابَ تقييم عروض الخليل وتفاعيله، فعبر التنظيرات المدرسية التي سادت الدراسات العروضية أُقصي المُكوِّن النظريِّ المُجرَّد لدائرة الخليل الكبرى، واستُبدل بالدوائر الجزئية الخمس فقط، والتي تمَّ تأبيدها وتصنيمها من أتباع الخليل الذين عدّوها دوائر الشِّعر العربي النهائية والمغلقة، وجزموا أن ما وقع خارجها ليس من شعر العرب، مع أن هذه الدوائر الخمس في حقيقتها لا تمثِّل إلا تطبيقاً جزئياً لنموذج يتضمن عدداً لا نهائياً من الدوائر الشعرية، وبذلك غُيِّب الإطار النظري الحقيقي العميق لنموذج الخليل اللانهائي في تشكيلاته الممكنة، وحُبس في دوائر خمسٍ، وأغرق هذا النموذج بتنظيرات مدرسية ممن جاء بعدُ، عملت على تصنيم الخليل ومشروعه الرياضي الذي كان نموذجاً أوَّلياً غيرَ ناجزٍ وغيرَ مكتملٍ، عوضاً عن تطويره وتلافي نقاط ضعفه واستكمال ما لم يستكمله الخليل في حياته، ما أدخل الشِّعرية العربية في دائرةٍ ضيقةٍ راحت تجترُّ لغتها وإيقاعاتها بعيداً عن إيقاع اللغةِ والأشياء في حضورها المتحرك.

أسَّس الخليل نموذجاً رياضياً دائرياً أستطاع تفسير جزءٍ مما تحقَّق من الفاعلية الشعرية العربية حتى عصره، وبدأ التمرد على نموذجه عبر خروجات الشعراء الكبار على محدّداته، وعبر الأوزان الجديدة التي ابتكروها أو التوشيحات الفصيحة والشعبية التي صنعوها، وصولاً إلى منتصف القرن العشرين الذي شهدَ خروجاً ثورياً باتجاه كسر شكل البيت الشعري العربي باتجاه وحدة التفعيلة التي أسَّست من جديد لنموذجٍ مشتقٍ من محددات الخليل، ولكن بكسر دائريّته باتجاهٍ خطي. ثمَّ كانت النقلة الجبارة باتجاه قصيدة النثر التي شكَّلت قطيعةً مطلقة مع تفاعيل الخليل، والتي بدأ التنظير لنموذجها الإيقاعي الجديد الذي يمثِّل، في رأينا، مستقبل الشعرية العربية القادم.

خامساً: نحن أبناءُ ثقافةٍ قُتل أباؤها وتُركت عاريةً على قارعة التاريخ؛ فنحن لا نملك نماذج عليا حية، ذات حضور مهيمن في ثقافتنا، نتمثَّلها ونستعيدها في حراكنا نحو بناءِ حضارةٍ حاضرةٍ حيَّةٍ قادرةٍ على المجابهة، خاصة أن جسد الأمة يتعرض جهارا نهارا للتقطيع والهدم، حتى تحول إلى جثَّةٍ طُفيليَّةٍ غيرِ قادرةٍ على أن تمارس حضورها وتعزفَ موسيقاها وشعرها وتقود أوركسترا الينابيع العالية التي ستغسل وجوهَ الماعزِ والأطفالِ والأزقةَ الحزينة.

أيها الشعراء، ويلٌ للغة إذا لم تجد شعراءَ يعشقونها كامرأةٍ ناضجةٍ، ويلتقطونَ حضورها الغائبَ وغناءها الخافتَ وبراعمها الصغيرة وصوتَ خُطاها الليليِّ وغبارَ غضبها في الأزقة ومسكَ فتنتها وأنوثتها وانحناءاتِ جغرافيتها وخصوبتها وموسيقى ارتطامِ خلاخيلها وحروفها وطينها وهوامشَ عشَّاقها العابرين والمجهولين وسوقيَّةَ أبنائها المقيمينَ في الشَّوارعِ الخلفيَّةِ، الذين يعشقونها ويفجِّرون أوردتها وينابيعها الهامشيَّةَ المليئةَ بالطِّينِ والعلقِ.

تؤمن حركتنا بالثورة على البنية التقليدية للقصيدة، لا من حيث الخروجُ على أوزان الخليل حسب، وإنما أيضا على اللغةِ والألفاظ والتراكيب الشعرية عبر تفكيك الكتل اللغوية المحنّطة والاقتراب من اللغة المعاصرة واليومية الطازجة والنابضة بالحياة، بعيداً عن جزالة وبلاغة التراكيب المسكونةِ بماضٍ لغويٍّ شكَّل سلطةً ونموذجاً استنفد أغراضه، فالقصيدة لا تعكس الواقع فقط، بل تتجاوز ذلك إلى استجلاء هذا الواقع عبر الحدس الذي يقوم عليه الشعر، والذي يوحِّد الذات مع العالم بغية استبطان الحياة بكل ما تزخر به من تناقضات وجمال، ما يتيح للشاعر أن يبتكر أبجديةً رمزيةً تتحرَّكُ في فضاء الواقع الحيِّ للغة ممتزجاً بالحلمِ والرؤيا.

كما إنها تؤمن بجدل الشِّعر والتاريخ، فالشِّعر يفيضُ عن حدود التاريخ ويهربُ منها إلى الأمام نحوَ تاريخٍ بكرٍ غيرِ متحقِّقٍ لم يزل في شرانقه، أو يهربُ منها نحوَ الهوامشِ التي تفيضُ بالممكنات الموؤودة، فقدرُ الشِّعر المتمرِّد على القوالبِ والبِنى والأشكالِ الجامدةِ الفاقدةِ لجدليتها والمتحقِّقةِ في تاريخٍ ماضٍ هو أن يبحثَ عن بِناهُ المتحرِّكة وأشكاله المتحوِّلة المتجدِّدة الحيَّة الغامضة غيرِ القابلةِ للتوقُّع، فالشِّعرُ يتمرَّد على التاريخ بحثاً عن الممكنات غيرِ المتحقِّقةِ في هذا التاريخ.

سادساً: تنظر حركة نيسان إلى إيروتيكية الشِّعر بوصفها جوهره الفاعل، فالشِّعر فعلُ خلقٍ جديدٍ، وهو جزءٌ من حركة الطبيعة والتاريخ للاستمرار والتطوُّر ومواجهة الموت والخراب، ولا يتم هذا الخَلق في الطبيعة إلا عبر الفعل الجنسي الذي لا يمكن تزييفه وصنعُ نظائرَ مكررةٍ له مُفرغةٍ من القدرة الفعلية على الخلق والتجدُّد، فلا يكون إزهارٌ في الأرض إلا بفعل التلاقح الذي تقوده الطبيعة برياحها ونحلها ومطرها، ولا تتم الولادات الحيوانية والإنسانية إلا بفعلٍ جنسيٍّ ترعاه الطبيعة والغرائز، ولا تتم القصيدة الحقيقية إلا بفعلٍ شبيهٍ بولادةٍ حيَّةٍ قابلةٍ للنمو والحياة.

عندما نقول عن قصيدةٍ إنها قابلةٌ للحياة فنحن نعني أنها قادرة على التأثير في الخطاب العام للتاريخ، والإسهام في صياغة خطاب جديد يمنح التاريخ أنساغاً لرؤيةٍ جديدةٍ قادرةٍ على أن تحلّ محلّ الخطاب القديم، فهي تبلبل الخطاب السائد لتحلَّ محلَّه، قبل أن تكبر وتهرم بدورهِا ليحلَّ محلَّها كائنٌ شعريٌ طفلٌ جديدٌ في حركة جدليةٍ دائبةٍ بين التاريخ والشِّعرية الإنسانية الباحثة دوماً عن دفع الحياة الإنسانية نحو قيم الجمال الإنسانية العالية. أما القصيدة التي لا تملك القوة الإيروتيكية للجدل مع التاريخ وخطابه السائد لتزحزحه باتجاه خطابها الجديد فهي قصيدةٌ عنينةٌ مكرَّرةٌ تعيد إنتاج خطاب تقليديٍّ غيرِ قادرٍ على الخلق أو إخصاب خطاب التاريخ والدخولِ في جدلٍ وجوديٍّ معه.

سابعاً: من التحوَّلات الكبرى في الشعرية العربية المعاصرة إعادة الشعر إلى سياق السرد، إلى حاضنته التي ينمو فيها ويتنفس منها ويغرف من مائها وينبتُ في تربتها، ثم يتمرَّد عليها ليعودَ وينغرس في تربتها ثانيةً بطفرةٍ جديدة وإيقاعاتٍ ولغةٍ نمَّاها بيديه في تربة السرد الطريَّة الشرسة الطازجة. فالشعر ينمو في اللغة اليومية المتداولة والأحداث الواقعية البسيطة والأجساد الحية التي تتحرَّك في فضاء الحياة وسردها ونثرها، والسردُ ماءٌ يُروِّي هذه النبتةَ العصيّةَ الباحثةَ دوماً عن أفقٍ آخرَ لتدفُّقِ هذا النهر اليومي للتاريخ، وهو يبحث عن شكلٍ آخرَ لماءِ النهرِ وعن مجرى آخر له وعن موجاتٍ وشلاَّلاتٍ أُخرى، إنه يبحثُ عن موسيقى خَفيَّةٍ وخافتةٍ ولغةٍ مختزلةٍ تحتفي بصخبِ السردِ اليومي للتاريخ وإيقاعاته المتنوعة بعيداً عن المجازات الفخمة والبلاغة والجزالةِ الفضفاضة، وهذا ما يدفعنا إلى القول إن الثورات العربية ستكون قادرةً عندما يبدأ الشِّعر تزاوجه الحقيقي مع الحياة بعد أن يخلع نهائياً الثوبَ الذي ألبسته إياه السلطات بأشكالها المتعددة عبر التاريخ.

أما بعد:

يعبِّر هذا البيان عن طموحنا لتأسيس حركةٍ شِعريةٍ عربيةٍ تعي تراثها الشعري وتستوعبه وتهضمه، آخذةً منه ما يناسب رؤاها مقصيةً ما يعيق حركتها التقدمية، في سعيها لعصرنة اللغة الشِّعرية وربطها بالتجربة والطبيعة والموسيقى والأسطورة والواقع بانبثاقاتٍ لغويةٍ وإيقاعيةٍ طازجةٍ بعيداً عن القوالب اللغوية والإيقاعية الجاهزة المتولدة في لحظاتٍ شعريةٍ تاريخيةٍ سابقةٍ، حركةٍ معاصرةٍ تنبثقُ من رحم التاريخ الشعري العربي وتنفصل عنه، لا انفصالَ قطيعةٍ بل انفصالَ استقلالٍ ونضوجٍ وبحثٍ دائبٍ عن شعرية الأشياء قبل شعرية اللغة، وبهذا فهي تتكئ على مخزون وتراث يمنحنا القدرة على التناصّ الواعي مع اللحظات الشعرية العالية في تاريخ اللغة والشِّعر دون أن نكون فرائسَ لهما. كما يعبر عن سعينا لتكوين حركة نقديةٍ يلتفُّ حولها النقَّادُ القادرون على بثِّ الحياة في الحركة الشعرية العربية عبر تقديم مراجعات معرفية نقدية بأدوات تحليلية، وتأسيس مجلةٍ تكون منبرا للشِّعر الذي يحمل مشروعه الإنساني والقومي والوطني، ويرتقِي بالأنا الأعلى الجمعي للناس.

نحن لا نتحرَّك بعيداً عن الفاعلية الشعرية العربية المعاصرة، بل إننا نتنفس هواء التجديد الذي أنجزته هذه التجربة الخصبة المتعددة المتمردة على القوالب والنماذج الجاهزة التي قامت بدور الرقيب والسجَّان، ونلقي حجرا في بركة الشعر الراكدة. وهذه دعوةٌ للشعراء والنقَّاد لتبني هذا البيان في سبيل تأسيس حركةٍ شعريَّةٍ عربيةٍ ترفض أحادية الرؤية وأحادية اللغة، وتبحث عن التعددية الجمالية في اللغة وفي الأشياء، وتؤمن بالبساطة في القصيدة التي ترنو إلى العمق في أقصى حالاتها عفويةً، حركةٍ تنبثق من الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتاريخي والثقافي والشِّعري العربي بتجلياته كلِّها عبرَ قطائع معرفيةٍ نقديةٍ مع ما مات وتكلَّسَ وما زال يسعى على قدمٍ مشوَّهةٍ من هذا التراث، وعبر تواصلٍ معرفيٍّ واعٍ مع سرد الحياة اليومية وإشكالاتها وتحدياتها، ومع الثقافات الإنسانيةِ التي قطعت أشواطاً واسعةً في تجاربها الإبداعية الناضجة.

هذا البيان هو البيان الأول لحركة نيسان الشِّعرية التي تطمح فيه إلى أن تثير حواراتٍ بنَّاءةً حول الشِّعر ودوره وحضوره ومرجعياته وآفاقه وأحلامه وطموحاته أن يعود محوراً متحرِّكاً فاعلاً حاملاً للأمل والتحدِّي والمقاومة في الحياة الثقافية العربية التي يسودها الخوف واليأس والإحباط، وتعيش واقعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا متردّيا، بل إنها تواجه تهديدا وجوديّا يطال شعبنا العربي الذي طالما ساهم في رسم خريطة الحضارة الإنسانية.

أيها الشعراء، إذا تقاطعت الرؤى التي يتبناها بياننا هذا مع رؤاكم وتجاربكم الشعرية فهو بمثابة بياننا جميعا.

شاهد أيضاً

في طبعتها الرابعة بألمانيا.. رواية رجال العتمة للأديبة المغربية حليمة الإسماعيلي

عن دار بدوي للنشروالتوزيع بألمانيا ؛ صدرت الطبعة الرابعة من رواية رجال العتمة للأديبة المغربية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *