الخميس, 2 مايو, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / جلستان نقاشيتان وإبداعات سردية في ختام فعاليات ملتقى الشارقة للسرد

جلستان نقاشيتان وإبداعات سردية في ختام فعاليات ملتقى الشارقة للسرد

ملتقى الشارقة للسرد يبحث “محاولات تأطير القصة القصيرة جداً” وتحولات الفن القصصي

أسدل ملتقى الشارقة للسرد الستار على فعاليات الدورة الرابعة عشرة، أمس الأربعاء، بقاعة المؤتمرات في محافظة الأقصر المصرية، لتكون بذلك أول مدينة عربية تستقبل الحدث الثقافي خارج دولة الإمارات، بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة.
وتقدم المشاركون من روائيين وقصصيين وأكاديميين ونقاد عرب، بجزيل الشكر الى مقام صاحب السمو على هذه النقلة النوعية للملتقى، وثمّنوا دور الشارقة التنويري الذي يصل بإشعاعه الحضاري الى كافة أنحاء الوطن العربي الكبير.
أثثت ثلاثة عناوين متنوعة ختام الملتقى، إذ بدأت الجلسة الأولى بعنوان “القصة القصيرة جداً ومحاولات التأطير”، وناقشت الجلسة الثانية تحت عنوان “تحولات القصة القصيرة بين الجماليات والضرورة”، فيما منحت الجلسة الأخيرة المنصة للقراءات القصصية.
أدار الدكتور يوسف فهري من المغرب، أعمال الجلسة الأولى، في الوقت الذي شارك فيه: الاستاذ عذاب الركابي من العراق، والدكتور عادل عوض من مصر، وسعاد مسكين من المغرب، ببحوث نقاشية أحالت الجلسة إلى تساؤلات سردية من مداخلات المشاركين.
تحت عنوان “القصّة القصيرة جداً كتابة قديمة أمْ مستحدثة ؟لحظة تجريب إبداعي أمْ محاكاة؟”، استهل الركابي حديثه، قائلاً:” إن تتعدّد آراء النقّاد والكتّاب في قديم هذا النوع من الكتابة أو حديثه من دون الخروج من متاهته  بلا انتهاء ، والعودة به تاريخياً إلى أنه ( مستورد من أمريكا اللاتينية) ،وقد أخذت القصّة القصيرة جدا تقنية ( النثرية الخطابية) أو ( النثرية الإخبارية) ، بنصّ أرنست همنغواي 1952 الذي لا بتجاوز السبع كلمات : ( للبيع ، حذاء لطفل ، لم يُلبس قط).
وتناولت ورقة الركابي آراءً متباينة-متفق ومخالف- حول القصة القصيرة جداً، وإذ يراها د. جميل حمداوي بأنها ( جنس يتجدّد فنياً وجمالياً بالاختلاف عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة والأقصوصة)، فإن د. حسين المناصرة يرى ( إنها غير قابلة للتأطير الجمالي السردي) أي افتقادها إلى العناصر الفنية للسرد، وهي المعيار الفني المتبع في فنّي القصة القصيرة والرواية .. ويرى في القصة القصيرة جداً فضاءً مبيحاً للمبتدئين ، وتجاربهم الضحلة ، وما أكثرها في هذا النوع من الكتابة) وفقاً لورقة الركابي.

الدكتور عادل عوض قال :”مع كثرة الرؤى والمواقف كثرت الدراسات النقدية، وتنوعت المداخل، وتعددت المناهج تجاه النص القصصي القصير جدا حتى الانتهاء من قراءاته، ومع انتشار المناهج الحديثة كان الوصف وكان التحليل، وكان وجوب استخلاص النتائج التي نحسبها- في صورتها الموجبة- ستظل مرتبطة بمكونات النص ومكنونات صاحبه، ومعبرة عن دخائله ودخائل علاقاته الإنسانية المتراكبة، كما تظل المسائل مرتهنة بعلاقات المنشئ بالموروثات الأدبية، وما يزال النص مفتوحا حتى على وجدان المتلقى، يخاطبه بألفاظه وصوره المنتقاه الموروثة والمبتكرة، مما يحتاج- بدوره- على وقفة تحليلية جامعة لكل هذه الأطراف”.
وأشار عوض، إلى أن الاهتمام بدراسة النص القصصي القصير جدا، أو الإحساس بقيمته، أو السعي وراء فهمه كان من وراء تعدد مداخل دراسته وتحليله، فمنهم من يبحث عن العوامل الرئيسية المحددة للإبداع الفني للمؤسسات المعايشة للإنسان في الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومنهم من بحث سيرة الأديب ونفسيته من خلال أدبه، موضحاً منهم من ركز الاهتمام النقدي حول النص بصرف النظر عن شخصية المبدع وميوله وتجاربه الخاصة، ومنهم ذهب إلى البحث عن المعنى الأسطوري في النص من خلال الابتكارات الجماعية للعقل البشري.
سعاد مسكين التي بدت متفقة تماماً مع الفن القصصي المستحدث، اعتبرت أن القصة القصيرة جدا نوعا سردياً حديثاً يندرج ضمن جنس كلي هو “القصة” موضوعه القصصية، والقصر جداً هو تجريب لطرق جديدة في الكتابة آخذاً بعين الاعتبار أن التجريب هو إرادة مزدوجة: إرادة اللعب بتقنيات جديدة في الكتابة السردية وإرادة معرفية تنجم عن توليف بين التراكم القرائي وارتفاع سدى التجارب الحياتية.

الجلسة الثانية تناولت موضوعاً مختلفاً في “تحولات القصة القصيرة بين الجماليات والضرورة، أدارها الدكتور محمد آيت مهيوب، وشارك فيها الدكتور صالح الهويدي، والدكتورة اعتدال عثمان، والناقد شوقي بدر يوسف.

قدّم الدكتور الهويدي قراءةً مفصلة جول جدل النقد والإبداع، وهي موضوعة أخذت حيزاً كبيراً نظراً لأهميتها في الإبداع السردي، وأشار حول ما فهمه من عنوان الجلسة أن المقصود ب (الضرورة) هنا مجموعة القواعد أو المقولات التي سبق للنظريات والمفاهيم الفلسفية أن صاغتها كلوائح أو (مانيفستو)،بهدف إنجاز تصور للقالب أو الشكل السردي النظرية الأجناس والأنواع الأدبية للسير بموجبها، من قبل الكتّاب، فهل يمكن النظر إلى الضرورة على أنها الثابت مثلًا، وإلى جماليات الفن القصصي على أنها المتغير؟.
وقال الهويدي :”ليست القصة القصيرة نبتة برية. إنها فن أدبي يتخذ من اللغة أداة للتعبير عن بنيته، ودالًا يتغيا إيصال دلالته إلى قارئه، عبر عنصر اللغة. وهذا يعني أن هذا الفن يتضمن بعدًا اجتماعيًا وطبيعة إشارية تخييلية،إلى جانب كونه يمثل بنية تخييلية تحمل محتوى يمثل رسالة هذه البنية. فمن أين تستمد هذه البنية القصصية محتواها وعناصر بنيتها ووسائلها الفنية وقيمها الجمالية؟ لقد أكدت جلّ النظريات والمناهج النقدية حقيقة العلاقة ما بين الخطاب السردي والمرجعيات السياقية، وجدل الحوار بينهما”.
في ورقة عمل الدكتورة اعتدال عثمان تناولت الكاتبة القصة المصرية، موضحةً”إن الرحلة الزمنية الطويلة التي قطعتها الكتابة السردية القصصية منذ الآباء الأوائل حتى اليوم مرت بتحولات كبرى منذ الستينيات،وذلك نتيجة لتغير طبيعة التجرية الحياتية التي عاشتها الأجيال المتتابعة، وما يترتب على ذلك في المنحنيات التاريخية الفارقة من خلخلة النظم المعرفية السائدة، وانعكاس ذلك بالضرورة على جماليات الكتابة، وطرق التقنية، وتغير طبيعة لغة السرد القصصي”.
وأوضحت ” هناك متغير تكنولوجي ومعلوماتي كاسح أدى إلى تغير الطرق المألوفة في عملية استقبال العالم عبر شبكة المعلومات الدولية والتفاعل مع مستجداته بغير حدود حيث تتوالد المعلومات لحظيا بغزارة تحتمل  تعدد التأويلات والاحتمالات، كما تجتمع في سياقها المتناقضات وتتصالح الأضداد، وقد تتصارع المتشابهات. هذا العالم المتحول والمتجدد في كل لحظة يأتي إلينا بضغطة عابرة على لوحة الحاسوب أو الجهاز المحمول مما أدى إلى تغيير كثير من المفاهيم، وبروز صيغة جديدة للحياة لم تكن موجودة من قبل أو على الأقل لم تتعرض لها الأجيال الأدبية السابقة بمثل هذه الكثافة”.
في سياق مداخلة الناقد شوقي يوسف، قال:” يختلف البناء الفنى فى القصة القصيرة بحسب رؤية الكاتب واستخدامه للتقنيات التى يراها صالحة لتحرير نصه القصصى، وربما يكون المضمون والرؤية المفترض تناولها داخل النص لها دور كبير فى اختيار آليات الكتابة والتقنيات المناسبة لهذا النص، والمتخيّل الأدبى له طرحه الخاص فى تحرير نص قصصى حكائى حيث يستمد من الحدس الذاتى رؤيته نحو محاولة فرض جماليات خاصة على النص ربما تأتى عن طريق اللغة وشاعريتها، ربما تأتى عن طريق الحدث وحبكته ربما تأتى عن طريق فرض شخصيات بعينها لها دور محورى لتحرير النص. فالقصة القصيرة اختراع إنسانى قديم بدأت من الشفاهية والحكائية حتى انتهت إلى ما نحن فيه الآن من تجارب جمالية للقصة ترتبط ارتباطا كبيرا بحركة الحياة ومراحل تطورها، وهنا أستطيع أن أقول أن تطور القصة القصيرة مرتبط بتطور القارئ وإقباله عليها”.
الجلسة الثالثة جاءت في قراءات قصصية، حيث أدارها الكاتب الإماراتي محسن سليمان، وشارك فيها: سولاف هلال من العراق، وأدهم العبودي من مصر، وناصر خليل من مصر، بنصوص حملت الهم الإنساني، وتساؤلات الذات المثارة بين ماضٍ خلى ومستقبل يكتنفه الغموض.

شاهد أيضاً

برنامج ثقافي حافل لمصر “ضيف الشرف” في معرض أبوظبي للكتاب

  أطلقت الجلسة الافتتاحية للدورة الـ33 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، برنامج “ضيف الشرف” المتمثل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *