الجمعة, 26 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / أحمد عبد المعطي حجازي: نحن قادرون أن نخرج من هذا الزمن المظلم, بالشعر

أحمد عبد المعطي حجازي: نحن قادرون أن نخرج من هذا الزمن المظلم, بالشعر

الشعر في حياتنا ليس مجرد فن وليس مجرد حرفة ولكنه كينونة وهوية ووجود

لانستطيع أن تكون لنا لغة إن تخلينا عن الشعر لأن الشعر هو أبو اللغة

العالم بدون شعر ليس موجودا, لأن العالم بدون إبداع ليس موجوداً

في الاحتفالية التي خصصتها مؤسسة الكرمة للتنمية الثقافية والاجتماعية برئاسة الشاعر محمود حسن بالشاعر الكبير الدكتور حسن طلب في عيد ميلاده الثالث والسبعين ، تحت عنوان “حسن طلب حبر اللغة” تقديرا لدوره الكبير في إثراء المشهد الشعري المصري والعربي بحضور كبار رجال الأدب والثقافة وحضور الإعلاميين والفنانين الكبار قدم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي شهادة بدأها بالتحية للمؤسسة حيث قامت بتكريمه سابقا كما تحدث عن الشعر والوضع الراهن على المستوى الثقافي وتطريق إلى القدس ثم ختم بالحديث عن تجربة الشاعر حسن طلب منطلقا من الحديث عن جيله والنظرة التي كان البعض ينظرون بها إلى تجربتهم في السبعينيات والثمانينيات:

الشعر في حياتنا ليس مجرد فن وليس مجرد حرفة ولكنه كينونة وهوية ووجود

تحية لهذه الجماعة التي أتاحت لنا هذه الفرصة, أتاحتها من قبل وأتاحتها اليوم, فرصة أن نسترد شيئا من تفاؤلنا, وان نتخلى عن كثير من تشاؤمنا, حين أتلفت حولي في هذه الأمسية فأجد هذا الجمع المحب للشعر, فمحبة الشعر ليست شيئا قليلا, لأن الشعر في حياتنا ليس مجرد فن وليس مجرد حرفة ولكنه كينونة وهوية ووجود, ليس فقط للمشتغلين به او للمحبين له وإنما للجميع, لأننا بغير الشعر نكون بغير اللغة , وحين نكون بغير اللغة نصبح خارج العالم, فالعالم ليس إلا لغة, العالم أسماء وبدون هذه الاسماء لا نعرف العالم, وبالتالي نحن لانستطيع أن تكون لنا لغة إن تخلينا عن الشعر لأن الشعر هو أبو اللغة, قبل ان تكون اللغة نثرا وقبل أن تكون حتى اداة اتصال وتفاهم, كانت شعرا, لان الانسان قبل أن يتصل بالآخرين كان يحتاج لان يتصل بنفسه, ولكي يتصل بنفسه كان لابد من الشعر, كان لابد أن يغني, قبل أن يتحدث او يفكر أو يتواصل مع الآخرين. من هنا أتفاءل حين أتلفت وأجد حولي هذا الجمع الغفير المحب للشعر, هذا الجمع ايضا يداخلني منه هذا التفاؤل حين ارى وجوه النساء الجميلات ليست أقل كثيرا من وجوه الرجال الموقرين, وحين أرى أن المصريين في هذا الجمع ليسوا وحدهم وإنما يخالطهم ويمازجهم ويرافقهم السوريون والسعوديون وغير هؤلاء وهؤولاء من أصحاب هذه اللغة التي تجمعنا, لأن هذه اللغة هي في الحقيقة التي تجمعنا أكثر مما يجمعنا أي شيء. في الدين لكل منا عقيدته, ولكننا في اللغة واحد, في السياسة لكل منا جماعته , لكل منا حزبه وفكرته ولكننا في الثقافة واحد. هنا أشعر بغير قليل من التفاؤل والأمل مع ان ما يدعو لغير التفاؤل وغير الامل ولا أريد أن أسميهما كثيفة, والغيوم كما ترون والهزائم تتوالى, والذي يحدث الآن حدث من قبل ونحن لم نتعلم مما حدث, ولذلك يتكرر ماحدث, عندما يقف اليوم هذا الرئيس الأميركي لكي يعلن نقل سفارة اميركية من تل أديب إلى القدس, لا يصنع أكثر مما صنع كرومر من قبل الذي كان أول رئيس في العالم يمتد بهذا الكيان الذي قام على الاغتصاب, ما يحدث اليوم أريد أن كرر من جديد ليس إلا حلقة أخيرة او جديدة في سلسلة من الحلقات, لاتعود إلى أمس أو أول أمس بل تعود إلى قرون خلت ونحن لانتعلم من هذا التاريخ ولذلك لانتقدم. انظروا ما حدث في العالم في الشرق وفي الغرب لكي تروا كيف تقدم الآخرون وتخلفنا لكننا قادرون على أن نتحرر, أن نتخلص, وان نخرج من هذا الزمن المظلم الاسود . بالشعر, لماذا بالشعر لأن الشعر إبداع, ولأن الإبداع حرية, ونحن لن نتحرر ولن نتخلص مما نحن فيه الا اذا استردينا حريتنا التي لم نستردها حتى الآن . قمنا في يناير وقمنا في يوليو . وأدينا واجبنا, ضحينا بأرواحنا وقدمنا صدورنا للنيران التي احاطت بنا وانتصرنا في تلك الأيام ثم سُرقت انتصاراتنا . وكأنه كتب علينا أن نظل في هذه الاغلال.

حسن طلب شاعر متفرد

نحن نحتفل اليوم بحسن طلب, وحسن طلب نموذج يجسد كلما قلته من قبل, حسن طلب شاعر وهو ليس شاعرا ككل الشعراء, هو شاعر فرد, شاعر بمعنى الكلمة, أي انه شاعر متفرد, شاعر يعرف ان الشعر لا يمكن أن يكون تقليدا أو تكرارا للشعر العربي, وأنه إبداع مستمر, وأنه بحث دائم, وأنه كشف واكتشاف, كان مما أسعدني حين عدت من رحلتي الطويلة في فرنسا أنني تعرفت على شعر حسن طلب, ومن حسن حظي أن اوفق بان اكتب عنه مقالات نشرت في صحيفة الاهرام في التسعينيات الاولى من القرن المادي وجمعت في كتاب, صدر بعنوان أحفاد شوقي, وقد اخترت هذا العنوان لاجيب على سؤال كان مطروحا  وهو ماعلاقة هذا الجيل بالجيل الذي سبقه؟. هذا الجيل في السبعينيات والثمانينيات كان ينكر انتسابه لكل من سبقوه من الشعراء بأجيالهم المتوالية من أول البارودي إلى أمل دنقل, ونحن نعرف الكلمة التي أذاعها شاعر من شعراء هذا الجيل حين قال : إن أمل دنقل هو آخر الشعراء الجاهليين. يريد أن يقول إن كل ما سبقه شعر واحد, قصيدة تولد من قصيدة ولا يوجد إبداع حقيقي. ونحن المبدعون. هل كان هذا القول صحيحا؟ كان هذا القول صحيحيا بمعنى من المعاني, وعند بعض الشعراء بالذات حسن طلب, حسن طلب كان مختلفا عن غيره وهذا تجدونه في القصيدة التي نظمها وأهداها لأمل دنقل وأجرى فيها حوارا بينه وبين أمل دنقل, هو يقول إن الشعر مكتف بذاته, الشعر جمال متحقق, فيض من فيوض الجمال وآية من آيات الكمال, إلى غير ذلك من العبارات التي ما أزال أذكرها في القصيدة, وأمل دنقل يقول في القصيدة إن الشعر اقتران, الشعر تعبير عن محبة الشاعر للشعر هو صدى الواقع . الشعر هو تعبير عن الواقع لكن هذا التعبير ليس تكرارا للواقع وليس مجرد تصوير لما هو قادم إنما هو إعادة اكتشاف للواقع وإعادة خلق للعالم . إعادة خلق للعالم يؤكد قولي: العالم بدون شعر ليس موجودا, لان العالم بدون إبداع ليس موجودا.

شاهد أيضاً

جزيرة السعديات تحتضن مؤتمر النشر العربي والصناعات الإبداعية.. الأحد

  ينظم مركز أبوظبي للغة العربية الدورة الثالثة من المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *