السبت, 27 أبريل, 2024
الرئيسية / دليل الأمسيات / “أوزان اللغات في العالم” ندوة لمؤسسة الفكر العربي

“أوزان اللغات في العالم” ندوة لمؤسسة الفكر العربي

بمناسبة اليوم العالمي للّغة الأمّ، وصدور الترجمة العربية للكتاب الفرنسي “أيّ مستقبل للّغات؟ الآثار اللغوية للعولمة”، نظّمت مؤسّسة الفكر العربي بالتعاون مع جامعة القدّيس يوسف في بيروت، محاضرة بعنوان “أوزان اللغات في العالم وموقع اللغة العربية”، ألقاها مؤلّف الكتاب العالِم اللغوي الفرنسي البروفسور لويس- جان كالفي، وقدّم لها رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت البروفسور سليم دكّاش، والمدير العام لمؤسّسة الفكر العربي البروفسور هنري العويط، وأدار حلقة النقاش التي تلت المحاضرة البروفسور جرجورة حردان الممثّل الشخصي لرئيس الجمهورية اللبنانية لدى المنظمة الدولية الفرنكوفونية، ومُترجم الكتاب الدكتور جان جبّور، وشارك فيها أكاديميون مختصّون، ولغويّون، وشخصيات ثقافية وتربوية وإعلامية وطلاب جامعات.
واستهلّ الندوة البروفسور سليم دكّاش الذي أكّد أن لويس- جان كالفي يرصد حالات انحسار وتدفّق اللغات، مع قناعة واحدة ألا وهي أنّ كلّ اللغات لا تتمتّع بالقيمة نفسها في “سوق اللغات”، وأنّ العولمة تؤدي إلى تخفيض قيمة بعض اللغات لصالح لغات أخرى، فهناك لغات تجعل التواصل ممكناً في كلّ مكان، كالإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية؛ وهناك لغات مجال استخدامها ضيّق ومحلّي، وبالتالي هناك قيمة سوقيّة للغات، وهذا هو أثر العولمة الرئيسي على اللغات.
وسأل دكّاش ما هو مستقبل اللغة العربية في خضمّ العولمة الاقتصادية والسوقية؟ وكيف تستعيد حيويّتها؟ وأكّد أنّ لغتنا تمرّ بأزمة تكيّف وأزمة علائقيّة مع الحداثة، هي التي كانت في العصور الوسطى لغة العلوم والثقافة، وأشار إلى أن العربية تعاني من التمايز بين الفصحى والعامّية المتداولة يومياً، وبُعدها في مسافتها الثقافية عن الحياة اليومية التي يعيشها الناس، وخلُص إلى أنّ أزمة اللغة العربية هي أزمة هويّة الوطن أو العالم العربي غير القادر على التحالف سياسياً، والتعاون اقتصادياً، والإنتاج المشترك لثقافة بشرية وعلمية تتكيّف مع زمننا.
وتحدّث البروفسور هنري العويط عن المعايير التي يستخدمها العالِمَ اللغويَّ اللامع لويس- جان كالفي لقياسِ أوزانِ اللغاتِ عامّةً، ووزن اللغةِ العربية على وجهِ الخصوص، ورأى أنّه قد لا ينعقدُ حولها الإجماع، وهي قابلة للمساءلة والمراجعة والنقاش، ولكنْ دعوني أؤكّدُ أيضاً أنّ قراءة الكتاب الذي تولّت مؤسّستُنا ترجَمته إلى العربية، أيّاً يكن رأيُنا في محتواه، وأنّ التمعّن في السؤال “كيف نحدّد موقع اللغة العربية”، الذي اختاره البروفسور كالفي عنواناً لمحاضرته، أيّاً يكن موقفُنا من الأجوبةِ التي سيُعطيها، من شأنهما أن يحملانا على التبصّرِ في ما تُثيره أوضاعُ اللغة العربية من إشكاليّات، وما تواجههُ لغتنا من تحدّيات في زمن العولمة.
وألقى البروفسور لويس-جان كالفي مداخلة معمّقة حول السياسات اللغوية والتدخّلات التي تطال اللغة، والعولمة في جانبها اللغويّ، وأشار إلى أنّ عدد اللغات المتداولة حول العالم يبلغ 7 آلاف لغة، لكنها متفاوتة من ناحية التوزيع الجغرافي؛ فالإنجليزية مثلاً أو الإسبانية أو الفرنسية تنتشر داخل أوروبا بنسبة 4%، لكنها في إفريقيا تستحوذ على 30% من اللغات المتداولة و15% في أميركا اللاتينية، ولفت إلى أنّ 5% من لغات العالم يتداولها 94% من سكّان العالم، فيما الـ95% الأخرى يتداولها 6% فقط من السكّان لذا فهي مهدّدة بالانقراض، واضعاً ترتيب اللّغات بحسب عدد الناطقين بها عالمياً، الصينيّة في المرتبة الأولى تليها الإنجليزية ومن ثم الإسبانية.
وأوضح كالفي أنّ المقياس اللغويّ الذي يعتمده يتضمّن 12 عاملاً، بينها عدد المتكلّمين للّغة “كلغة أمّ أو كلغة ثانية”، عدد البلدان التي تكون فيها اللغة رسميّة أو وطنية، تدفّقات الكتب المترجمة من وإلى اللغة، خصوبة الشعوب التي تتحدّث بهذه اللغات، الموقع الذي تحتلّه على شبكة الإنترنت، الوزن الاقتصادي للبلدان التي تتكلّم هذه اللغات أيضاً.. إلخ. ويختلف موقع اللغات وترتيبها تبعاً للعامل المستخدم، فإذا أخذنا في الاعتبار عامل الانتشار الجغرافي، تحتلّ اللغة العربية المرتبة الثالثة كلغة رسميّة معتمدة في 21 بلداً تمّت كتابة مختلف المؤلّفات الأدبيّة بها، وتمّت الترجمة بشكل كبير منها وإليها، وإذا أخذنا عامل التعليم في جامعات العالم بأسره، تحتلّ العربية المركز التاسع.
وحرص كالفي على التأكيد بأنّ المقياس اللغوي لا يؤدّي وظيفة علمية فحسب، بل يوفّر مساعدة كبيرة في اتّخاذ القرارات المتعلّقة بعلم السياسة اللغوية، وأكّد أن السياسة اللغوية هي نوع من التدخّل البشري الإرادي في إطار العلاقة بين اللغة والمجتمع، بشكل يُعنى بلغة معيّنة، أو بصيغها أو بكتابتها، أو بلغات عدّة مع وظائفها والعلاقات التي تجمعها معاً.
وطرح كالفي ثلاثة أسئلة تتعلّق باللغة العربية: الأوّل حول كيفيّة الانتقال إلى اللغة العربية في جميع البلدان التي ترغب في تغيير نظامها التدريسي، فما هي اللغات التي سيتمّ اعتمادها ولماذا؟ وهل هذه البلدان مجهّزة لذلك؟ وهل لدينا مدرّسون ومدرّبون قادرون على القيام بهذا العمل؟ والسؤال الثاني هو: أيّ “عربية” ستستخدم؟ الفُصحى أم العامّية؟ محذّراً من اختراق المحلّيات الوطنية العربية، صيغ اللغة العربية المكتوبة، أي اختراق اللغة العامّية للغة العربية المكتوبة، أو تخريب اللغة العامّية لهذه الأخيرة كما هي الحال في بعض دول المغرب العربي، أما السؤال الثالث فهو: هل نحن في صدد دراسة اللغة العربية ككيان واحد؟ ليطرح السؤال مجدداً: هل نحن نتحدّث عن اللغة نفسها؟ من الواضح أنّ الإجابة سلبية.

فقد اعتمدنا منظوراً يحدّد ما يشابه عربية واحدة، وعربيات مختلفة، عربية واحدة، لا تكون اللغة الأولى المعتمدة في البلاد أو يتمّ النطق بها بطريقة محدودة ولكن يتمّ تدريسها والكتابة بها والترجمة منها وإليها، وعربيات أخرى، وهي العربية التي نتكلّمها ونبدأ أيضاً بكتابتها.

شاهد أيضاً

أدونيس أول شاعر عربي يلقي قصائده في متحف اللوفر في باريس

في برنامج “حوار” تستضيف كابي لطيف الشاعر الكبير أدونيس بمناسبة الأمسية الشعرية التي قدمها على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *