السبت, 27 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / صلاح عبدالصبور.. الشاعر الحزين في ذكرى رحيله

صلاح عبدالصبور.. الشاعر الحزين في ذكرى رحيله

حلت أمس الثلاثاء الذكرى الـ28 لرحيل الشاعر صلاح عبد الصبور الرائد المجدد لمنظومة الشعر العربي، حيث يمثل عبد الصبور حالة خاصة في تاريخ الشعر العربي المعاصر، فهو الذي وصف نفسه بـ”الشاعر الحزين”.

ويبدو أن هذه الصفة التي طغت على شعره انطبقت أيضاً على حياته التي حفلت بتحولات درامية، آخرها وفاته نتيجة نقاشات حادة مع رفاق سهرة، في بيت الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، حيث لم تنسجم مواقفه السياسية مع خيارات رفاقه.

ولا يمكن اختصار مسيرة الشاعر الكبير في المشهد الأخير من حياته؛ لأن مشاهد أخرى تؤكد جدارته بصفة “الرائد المجدّد” الذي أحدث، مع الشاعريْن العراقيّين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، الانعطافة الأهم في مسيرة الشعر العربي، خلال النصف الأول من القرن الـ20، إذ أفرزت ما يسمى بـ”شعر التفعيلة ” أو الشعر الحرّ، الذي تحرّر من شكل القصيدة العربية التقليدي.

ولم تكن هذه الانعطافة نتاج نزوة شعرية أو مغامرة طائشة لا أساس لها، بل كانت استجابةً لقلق معرفي ونتيجة بحث عميق وثقافة تأسست على إلمام بمختلف أشكال الإبداع الشعري العالمي.

وحسب مصادر اعلامية، فقد درس صلاح عبدالصبور مثل أغلب معاصريه في الكتاتيب والمدارس التقليدية بمدينة الزقازيق، التي تبعد عن القاهرة نحو 200 كيلومتر، في دلتا مصر.

وعمل مدرّساً قبل التحاقه بكلية الآداب – قسم اللغة الإنجليزية – بجامعة القاهرة، وهناك تعرّف على مدارس الشعر الإنجليزي وأُعجِب خصوصاً بالشاعر توماس ستيرنز إليوت، الذي كان أحد أبرز ملهميه في إدراك البعد الدرامي للقصيدة الشعرية.

كما واصل اهتمامه بالتراث العربي ومعرفة حاجة الشعر إلى فصل من التجديد، ينقذه من حالة الاستنساخ والتكرار التي غلبت على الإنتاجات التقليدية.

والتقط عبدالصبور المنجز الذي كانت حركة “أبو للو الشعرية” قد حققته في ثلاثينيات القرن الـ20 بسعيها لتجديد الشعر والتخلص من أوزانه التقليدية، واستثمر ولع شعرائها بالرومانسية، وبدأ نشر قصائده الأولى التي كانت مدخله إلى الجمهور.

فهم الناس أنهم أمام موهبة استثنائية أكدها الشاعر بديوانه الأول، الصادر عام 1949 بعنوان “الناس في بلادي”، بعد أقل من عامين من نشر الدواوين الأولى لبدر شاكر السياب ونازك الملائكة، ما أثبت أن التحوّل الذي أراده هؤلاء مثَّل استجابةً لنزعة تمرّد تشمل مناطق أخرى في العالم العربي.

وساجل عبدالصبور وأقرانه الأسماء الراسخة في ثقافتنا العربية بغرض الدفاع عن مشروع تجديد الشعر، ولذلك حفل إرثه بمقالات كتبها دفاعاً عن مشروعه، شأنه في ذلك شأن نازك الملائكة التي أنجزت العديد من الدراسات، وحاولت عبرها الحفر في التراث العربي لإبراز جدية مشروعها.

ومع توالى إنتاجاته الأدبية ومقالاته في مجلة “روز اليوسف” ومجلة “الآداب البيروتية” تحوّل اسم عبدالصبور من شاعر مغامر إلى راسخ، وفي سن صغيرة أصبح من نجوم الثقافة المصرية التي كانت تشهد فصلاً جديداً تزامناً مع ثورة يوليو 1952.

ومن خلال مساهماته في الحياة العامة، وعبر الكتابة الصحفية أضحى عبدالصبور اسماً مؤثراً في واقع الثقافة المصرية، خاصة أنه ساجل الأسماء الكبيرة ودخل في معارك فكرية معها، على غرار العقاد وطه حسين.

ونمت هذه النبرة في دواوينه “أقول لكم” (1961)، “تأملات في زمن جريح” (1970)، “أحلام الفارس القديم” (1964)، “شجر الليل” (1973)، و”الإبحار في الذاكرة” (1977).

وعبر قصائده ثم مسرحياته الشعرية، أبدع عبدالصبور في استعمال قصيدة القناع، التي كان يستعير فيها أصوات رموز معروفة في التراث العربي والإنساني، ليسقِط من خلالها مقولاته على واقعه كـ”شاهد على العصر”.

وتنوعت مصادره الإبداعية في هذا السياق، من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي، مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفية العرب، مثل الحلاج وبشر الحافي.

وهناك ما يشبه الإجماع بين دارسي شعره، مثل عزالدين إسماعيل وجابر عصفور ومحمد بدوي وأحمد مجاهد، على تأثره البالغ بالشعر الرمزي الفرنسي والألماني (بودلير وريلكه)، وأكثر بالشعر الفلسفي الإنجليزي (جون دون وييتس، وكيتس، وت. س. إليوت).

وكتب كثيرون حول العلاقة بين “جريمة قتل في الكاتدرائية” لإليوت، و”مأساة الحلاج” لعبدالصبور، لا سيما وأنه ترجم مسرحيات إليوت إلى اللغة العربية.

وشغل عبدالصبور عدداً من الوظائف الرسمية، إذ عمل مستشاراً ثقافياً للسفارة المصرية في الهند، وتولى رئاسة تحرير مجلة “الكاتب”، ورئاسة هيئة الكتاب قبل عام من وفاته في 13 أغسطس/آب 1981.

ومن أبرز مسرحياته التي جعلته علامة فارقة يصعب تعويضها في الفن الرابع، “مأساة الحلاج” (1964)، و”مسافر ليل” (1968) و”الأميرة تنتظر” (1969)، فضلاً عن “ليلى والمجنون” (1971) و”بعد أن يموت الملك” (1973).

كما كتب أعمالاً نثرية متميزة، صاغها هرباً من كتابة سيرة ذاتية بالمعنى المباشر، وأهمها “على مشارف الخمسين” و”حياتي في الشعر ” و”تبقى الكلمة”، “أصوات العصر”، وغيرها.

شاهد أيضاً

البيت العربي في إسبانيا.. تفوز بلقب شخصية العام الثقافية لـ”زايد للكتاب”

  كشفت جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ 18، التي ينظِّمها مركز أبوظبي للغة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *