الأحد, 28 أبريل, 2024
الرئيسية / قسم الاخبار / الاخبار الرئيسية / معلومات تُكشف لأول مرة عن حياة محمود درويش

معلومات تُكشف لأول مرة عن حياة محمود درويش

يطل الشاعر محمود درويش من غياب 15 عاماً ليسكن في كتاب رواه صديقه الصحفي الفلسطيني زياد عبد الفتاح، موثقاً فيه بعض أسراره في الحياة والشعر والسياسة.

درويش: مهما تمادت القوة وانفلتت من عقالها، لا تستطيع حسم معركة وقودها الإنسان.

والكتابة عن درويش تشبه دخول النار، لكن عبد الفتاح، مؤلف كتاب “صاقل الماس”، دخل المغامرة مسلّحاً بقلمه وبصداقتهما القديمة، وهو الذي رافق درويش في الإقامة والنزوح بين المدن.

يقول عبد الفتاح إن ما ورد في صفحات الكتاب “لا يعرفه أحد غيري”.

يتناول المؤلف بعضاً من أدق التفاصيل في حياة أيقونة الشعر الفلسطيني، وخصوصاً في زمن حصار بيروت واحتلالها من قبل الجيش الإسرائيلي، عندما لم يكن بينه وبين الموت أو الاعتقال سوى خطوات.

وينقل عبد الفتاح عن درويش قوله: “أعرفهم جيداً. من أين أتوا بهذه القسوة والقتل الفاحش الذي يفوق طاقتنا وطاقتهم؟”.

يتناول الكاتب بالتحليل ردّات فعل شاعر فلسطين الأول، ولحظات عجز الشعر عن الوصف، عندما كان يسمع أزيز الطائرات ودوي القذائف التي تستهدف ما كان يُعرف ببيروت الغربية.

يلخص عبد الفتاح صعوبة تلك اللحظات عندما يقول: “أغارت طائرة أعقبتْها أخرى، وقفت اللقمةُ بين أصابعنا.. وربما في حبل الوريد”.

ويدوّن الكاتب ما قاله درويش عن تلك الأيام: “أنا لست غوغائياً، ولا دوغماتياً، لكنني أرى الطريق أمامهم ينغلق ولا ينفتح. مهما تمادت القوة وانفلتت من عقالها، لا تستطيع حسم معركة وقودها الإنسان”.

لكن الأيام التي عجز فيها درويش عن التحرك بحرية أطلقت العنان واسعاً لخياله، في كتابة واحدة من أروع القصائد (مديح الظل العالي)، التي ارتقى فيها إلى أبهى صوره التعبيرية عن بيروت وانكسارها وخروج المقاتلين الفلسطنيين منها، وعن تحولّها إلى “غيمة وخَيمة”، يناجي فجرها ومساءها قائلاً:

“يا فجرَ بيروتَ الطويلا

عَجِّلْ قليلا

عَجِّلْ لأعرفَ جيِّداً:

إن كنتُ حيَّاً أم قتيلاً”.

ويعرّج الكتاب على أبيات أشبه بالرثاء لمدينة مكسورة، حين يقول درويش:

“قد أَخسر الدنيا.. نَعمْ

قد أَخسر الكلماتِ والذكرى

لكني أَقول الآن: لا

هي آخرُ الطلقاتِ لا

هي ما تبقَّى من هواء الأرض لا

هي ما تبقَّى من حطامِ الروحِ لا

بيروت لا”.

يقول عبد الفتاح لرويترز إن “أحرف هذه القصائد بدأت تتشكل في بيروت، واستكملها درويش في سوريا.. انتشرت مديح الظل العالي ووصلت تونس ووسط العالم العربي”، ولأبعد من ذلك.

درويش لم يغادر بيروت، على الرغم من دخول الإسرائيليين إليها، وظل “يسكن فيها قريباً من الجامعة الأمريكية.. عين المريسة.. في الطابق الثامن”.

من ضمن الأسرار التي كشفها أن درويش: “كان معارضاً للخروج من بيروت”، موضحاً أن قرار خروج الفلسطينيين كان قراراً “أمريكياً- إسرائيلياً” وعربياً أيضاً.

يقول لرويترز: “كنت أنا ومحمود موجودين في الفكهاني القريب من مخيم شاتيلا، فسألته أن نخرج معاً باعتبارنا أصدقاء، فقال لا. أنا لا أخرج، أنت رجل مقاتل تخرج، أما أنا رجل شاعر واللبنانيون بيرحبوا فيني وبيحبوني”.

ويجزم الصحفي الفلسطيني الكبير أن درويش لم يغادر بيروت فعلاً، على الرغم من دخول الإسرائيليين إليها، وأنه ظل “يسكن فيها قريباً من الجامعة الأمريكية.. عين المريسة.. في الطابق الثامن”.

ويتذكر عبد الفتاح كيف قرر درويش أخيراً الخروج من عاصمة أحبَّها وأحبته. قال “خلينا نحكي بصراحة أن بيروت (كانت) محتلة.. مش كل واحد بيغامر ويحط محمود عنده في بيته. نعم، هو فلسطيني ،أحسَ بالعبء، فقرر الرحيل”.

ويوثق عبد الفتاح علاقة درويش بالسلطة الفلسطينية آنذاك بزعامة ياسر عرفات، مؤكداً لرويترز أن درويش “كان يعشق ياسر عرفات.. لكنه لم يكن يوافق على كثير من سياساته”، ورفض عرضاً من عرفات لتعيينه وزيراً للثقافة بعد العودة إلى رام الله.

يقول الكاتب إن درويش رفض الذهاب مع السلطة إلى فلسطين في ذلك الوقت، رغم كل الإغراءات، قائلاً: “أنا لن أذهب معكم لأن هذا الاتفاق (اتفاقات أوسلو) مثل الخازوق، والفلسطينيون لن يحصلوا على شيء”.

وبخلاف الاعتقاد السائد، فإن درويش، وتبعاً لرواية صديقه، لم يسكن في تونس، وإنما كان يزورها قادماً من باريس.

يتناول الكتاب تفاصيل دقيقة عن حياة درويش الشاعر والإنسان.. عن ترفّعه عن الظهور الإعلامي، وذكائه وطريقته الفريدة في إلقاء الشعر، فضلاً عن أناقته في المأكل والملبس.

وشكّل درويش مع الفنان اللبناني مرسيل خليفة ثنائية فنية أثمرت أعمالاً هامة صُنّفت في إطار الأغنية الوطنية.

ويكشف الكاتب عبد الفتاح أن درويش لم يكن معجباً بمرحلة كتبَ فيها أشعاراً مثل “سجل أنا عربي”.

درويش “كان يعشق ياسر عرفات.. لكنه لم يكن يوافق على كثير من سياساته”، ورفضَ عرضاً من عرفات لتعيينه وزيراً للثقافة بعد العودة إلى رام الله.

يقول: “الناس عشقوها، وهو كان لا يحبها، كأنه يريد أن يتخلص منها، فجاءت الأغنية كرستها بالوجدان”.

ويرضي الكاتب الثمانيني، الذي كان من مؤسسي وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، فضول القارئ بتناول طقوس درويش في كتابة الشعر، موضحاً أنه “عندما يريد كتابة الشعر كان ينقطع عن الناس في منزله”.

يتحدث الكتاب، الواقع في 303 صفحات من القطع الوسط، والصادر عن “مكتبة كل شي” عن الفصل الأخير في حياة درويش في مرحلة المرض والسفر إلى الولايات المتحدة لإجراء الجراحة التي توفي إثرها.

يقول: “محمود كان يتحدث عن الموت كثيراً، لدرجة أن الواحد كان يتصور أنه خائف من الموت، ولكن لاحقاً اكتشفنا أنه… يحب الموت كما يحب الحياة”.

(رويترز)

شاهد أيضاً

انعقاد الاجتماع الأول لمجلس أمناء جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية بالقاهرة

قيمة الجائزة للمؤسسات 60 ألف دولار، و 40 ألف دولار للأفراد عقدت بالقاهرة الجلسة الإجرائية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *